“الوطني” وليس “التشريعي”

المجلس "الوطني" وليس "التشريعي"

“الوطني” وليس “التشريعي”

 

د. عصام عدوان

 

7/12/2021م

 

إن معرفة أهمية كلاً من المجلسين الوطني والتشريعي الفلسطينيين، يدلنا على الطريق الذي يجب أن نسلكه في مسارنا الوطني والديمقراطي لإصلاح الحالة الفلسطينية المشلولة. سوف نتناول بعض المفاضلة بين المجلسين من خلال المحاور التالية:

 

الولاية:

 

فولاية المجلس الوطني الفلسطيني تمتد لتشمل كل الشعب الفلسطيني أينما كان، وفي ذلك تأكيد على وحدة الشعب والقضية، بينما تقتصر ولاية المجلس التشريعي الفلسطيني على الأراضي الفلسطيني التي تديرها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط بما لا يتجاوز 35% من مجموع الشعب الفلسطيني، وهو يعزل البقية الغالبة عن حضورها الوطني الفعّال.

 

تابع في مقال/ المجلس “الوطني” وليس “التشريعي”

المرجعية:

 

فمرجعية المجلس الوطني الفلسطيني تعود إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترف بها العالم أجمع ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وحازت على عضوية مراقب في الأمم المتحدة في عام 1974، والتي تحمل على عاتقها إقامة الدولة الفلسطينية، وبهذه الصفة يكون المجلس الوطني الفلسطيني هو برلمان دولة فلسطين التي أصبحت عضواً غير كامل العضوية في الأمم المتحدة منذ عام 2012م.

 

بينما مرجعية المجلس التشريعي الفلسطيني إلى السلطة الوطنيىة الفلسطينية التي تأسست في عام 1994 كنتيجة لاتفاق أوسلو، وهذا يجعله مكبّلاً بهذا الاتفاق وما تلاه من اتفاقيات. ورغم أن العالم تعامل مع السلطة الفلسطينية كما لو أنها دولة فلسطين، إلا إنه يدرك أن منظمة التحرير هي المرجعية الأعلى، ولذلك لا يعقد الاحتلال الإسرائيلي اتفاقياته إلا مع منظمة التحرير، وتُدعى منظمة التحرير لحضور الاجتماعات العربية والإسلامية والدولية، فيمثلها رئيس المنظمة الذي هو رئيس السلطة، فيختلط الأمر على الناس فيعتقدون أن المدعو هو السلطة الفلسطينية.

 

الاستقلالية:

 

فالمجلس الوطني الفلسطيني مؤسسة سيادية، هي الأولى على مستوى منظمة التحرير، فهو الذي ينتخب رئيس اللجنة التنفيذية وأعضاءها، ولا يملك رئيس اللجنة التنفيذية أن يحل المجلس الوطني أو يجمّده، ولا في ظروف الطوارئ، وإن كان الأمر نفسه ينطبق على المجلس التشريعي، إلا إن الأخير لا ينتخب رئيس السلطة، الأمر الذي جعله كما لو أنه أعلى سلطة من المجلس التشريعي، وهو ما أدى به إلى حلِّه دون سند قانوني. هذا يعني ان التعويل على المجلس التشريعي هو تعويل على سراب، وأن الأوْلى هو المجلس الوطني.

 

الصلاحيات:

 

استناداً إلى الولاية، تتسع صلاحيات المجلس الوطني الفلسطيني لتتناول كل ما له علاقة بالشعب الفلسطيني، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فإن المجلس الوطني يقرِّر شكل وحجم وتوقيت المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهو يشكِّل الاتحادات الشعبية، وبمقدوره سحب الاعتراف بدولة الاحتلال، ويُشرف على عمل الصندوق القومي الفلسطيني، والأهم من هذا كله، فإنه يختار ويعيِّن قيادة الشعب الفلسطيني. وهذه بعض الأمثلة لصلاحيات المجلس الوطني التي لا يملكها المجلس التشريعي، فضلاً عن اقتصاره على الشأن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة فحسب.

 

 وبعد:

 

فإن المجلس الوطني الفلسطيني أعلى سلطة من التشريعي، ولا يمكننا إصلاح الأدنى وترك الأعلى. إن انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد هو أول خطوة عاجلة وواجبة التنفيذ من أجل إخراج الحالة الفلسطينية من الشلل الذي أصابها، وأول خطوة على طريق وحدة الشعب الفلسطيني، وتوظيف طاقاته الكبيرة، والانطلاق نحو وضع وتنفيذ مشروع وطني يعكس أمنيات الشعب الفلسطيني وطموحاته، وهو انتخاب لم يحصل من قبل. بينما مشهد المجلس التشريعي ماثل أمام أعيننا، وليس من الصواب تجريب المجرَّب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *