محاضرة بعنوان ” القدس في العهد العثماني” ح3
(فيديو المحاضرة أسفل المقال)
الأماكن الدينية المسيحية
الإهتمام بالأماكن الدينية المسيحية:
اهتمت الدولة العثمانية بفرض حالة من التسامح الديني لمختلف الطوائف النصرانية، وكانت تحرص دائما على إتمام مشاريع الاعمار والصيانة والترميمات للأماكن الدينية كافة والمقدسة للمسيحيين من خلال العديد من أذونات الترخيص وحالات الكشف والمعاينة التي أشارت لها المصادر التاريخية، ومنها ما جرى على كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم.
واقع التعليم في صدر العصر العثماني
المدارس:
شهد بداية العهد العثماني انتعاشا للتعليم من خلال تفعيل أداء المدارس القديمة واستحداث مدارس أخرى كانت المدينة بحاجة لها، ومنها المدرسة الرصاصية والمدرسة الحجرجية التابعة لتكية العمارة العامرة في القدس، وقد جاء هذا الانتعاش بفضل الاعمال الجليلة التي قدمتها الدولة العثمانية لا سيما ما قام به السلطان سليمان القانوني الذي ساعد في تحسين الوضع الأمني وسهل الاستقرار فيها وخصها بأعطيات نقدية سنوية جعلت منها مقصدا للعلماء والزهاد والعباد من كل الديار.
وبعد حصر المدارس التي كانت عامرة في صدر العصر العثماني وجد فيها أكثر من 50 مدرسة كانت عامرة يرتادها طلبة العلم وبها من المدرسين والمشايخ ما يجعل منها منارة علم لقاصديها.
التعليم في أواخر العهد العثماني:
-
حظيت القدس باهتمام الإدارة العثمانية لا سيما التعليم لما له من دور في تطور هذه المدينة حتى تكون على معرفة تامة بما يحاك لها من مؤامرات تستهدف حاضرها ومستقبلها، فقامت في البداية بتنظيم التعليم في القدس من خلال تعيين أول مدير معارف في القدس هو أحمد أفندي وهو من وزارة المعارف، كلّف بإعادة إصلاح المدارس المعطلة، ومن ثم إنشاء المدارس الحديثة ومنها مدارس رشيدية 6 للذكور و3 للإناث في القدس و70 مدرسة في القرى والنواحي و30 في قصبة الخليل وقراها و47 في قصبة غزة.
-
كما يظهر أن القدس كانت من أوائل المدن التي ظهرت فيها المدارس الاعدادية وذلك سنة 1890م، وكذلك المدارس الرشيدية وهي المرحلة المتوسطة بين الابتدائي والاعدادي، وقد تم تحويل المدرسة الإعدادية في سنة 1913م إلى مدرسة سلطانية وهو الشكل المتطور من المدرسة الإعدادية، وكانت مدة الدراسة فيها 7 سنوات، درس فيها 174 طالبا.
تابع في محاضرة بعنوان ” القدس في العهد العثماني” ح3
المدرسة العثمانية في المسجد الأقصى
الزوايا والأربطة العلمية
أولاً: الزاوية: لقد كانت مدينة القدس في القرن 11هجري/17ميلادي، محط أنظار المسلمين قاطبةً من زهاد ومتصوفة وطالبي علم وغيرهم، من جميع الأقطار والأقاليم، فمنهم المغربي والحبشي والهندي والتركماني والفارسي، ونستدل على ذلك من أسماء المواقع والأماكن التي سكنتها هذه الجماعات، ومنها الزوايا.
تكمن أهمية هذه الزوايا في القدس كونها تعطي قداسة ومكانة روحية لا تتوفر في مواقع أخرى حيث أرض الإسراء والمعراج، ومهد الديانات السماوية، علماً أن المريد يستطيع أن يجد هذه الأماكن حيثما هو موجود دون أن يعاني صعوبات السفر وتعبه، فكان المسافر يشعر بسعادة كبيرة حينما يذهب إليها، لأنه ينال بركة الصلاة في المسجد الأقصى وقبة الصخرة وزيارة مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين، كما يستزيد المريد من العلم والمعرفة إذا ما وصل الحرم القدسي.
وتتكون الزاوية من عناصر معمارية هي: غرف للإقامة والتدريس والذكر ومسجد ومطهرة للاغتسال والوضوء وبئر ماء وتُربة(مقبرة) يدفن بها شيخ الزاوية وبعض أتباعه، أحياناً تكون عبارة عن مغارة أو كهف واسع لا يوجد له أي بناء.
ثانياً: الرباط: هو اصطلاح ظهر في العصور الإسلامية الأولى، وقد عرف على أنه المكان الذي يتجمع به المسلمين بمواجهة الأعداء من أجل الاستعداد المستمر، وعدم الغفلة في أمرهم، لذلك لا تكاد تخلو مدينة أو قرية في فلسطين إلا فيها رباط أو أكثر، سواء عرف بهذا الاسم أو غيره، بعد ذلك أصبح المصطلح يأخذ بعداً دينياً، فبدأ الكثير من أهل الزهد والتصوف التوجه إلى هذه الأماكن للطاعة والتعبد.
ومن أشهر أربطة القدس العامرة خلال العصر العثماني: رباط بيرام جاويش، الرباط الحموي، رباط كرد الرباط المنصوري.
حائط رباط الكرد الذي حوّله الصهاينة إلى مصلّى باسم المبكى الصغير
مكاتب تعليم الأطفال
مكاتب تعليم الأطفال وتأديبهم: شهد العصر العثماني نمواً في عدد هذه المكاتب حيث زادت عما كانت عليه ابان العصر المملوكي، وقد خصصت هذه المكاتب لتعليم الأطفال وتأديبهم في فترة مبكرة من العمر، ليكونوا مهيئين لالتحاقهم بالمؤسسات التعليمية الأخرى، ومهمتها تنحصر في تقديم العلوم الأولى للأطفال من قراءة للقرآن والكتابة والخط والإملاء،
ومن أهم المكاتب التي أسست في هذا العصر: مكتب بيرام جاويش في شارع واد الطواحين، ومكتب درغود آغا، ومكتب الطواشي، ومكتب نصوح أفندي في باب السكينة أحد أبواب المسجد الأقصى.
التكايا
التكية : هي المكان الذي يسكنه الدراويش الذين يقضون وقتهم في العبادةِ والذِّكْر، وَتُقَدّمُ لهم فيها وجبات من الطعام باستمرار، ومع مرور الوقت اختفى المعنى الأول وأصبح يطلق على المكان الذي تقدم فيه الوجبات الشعبية المجانية للفقراء والمجاورين للمسجد الأقصى والعاملين فيه.
ومن أهم التكايا التي عرفتها القدس تكية العمارة العامرة التي أنشأتها خاصكي سلطان ، زوجة السلطان سليمان القانوني سنة959هـ/1551م، وتعدُ من أهم المنشآت التي أقامها العثمانيون في بلاد الشام بعامة والقدس بخاصة. حبست عليها أوقافاً كثيرة داخل لواء القدس وخارجه حتى تبقى عامرة، وقد استمرت في تقديم الوجبات الساخنة لأهل القدس من الفقراء والعلماء القادمين من بلاد مختلفة، يذكر أنها ما تزال عامرة إلى اليوم.