مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

من “الإسلام هو الحل” إلى “الإسلام هو الحياة”

من "الإسلام هو الحل" إلى "الإسلام هو الحياة"

من “الإسلام هو الحل” إلى “الإسلام هو الحياة”

 

✍️ بقلم : أحمد أبو العمرين

 

في خضمّ التطور والتقدم الكبير في واقع العمل الإسلامي والدعوي ، والإقبال الواسع من الناس والجماهير على الإسلام كمشروع حضاري وبرنامج نهضة .. فإن المتصدّين للخطاب الإسلامي بشقيه الدعوي والديني مطالبون البوم بتطوير خطابهم للجمهور العام ليكون أكثر إقناعاً وألصق بواقعهم وأشدّ تأثيراً في القلوب والعقول.

 

إن شعار الإسلاميين الذي خاطبوا به الناس في الماضي “الإسلام هو الحل” كان ضرورةً تاريخية وفكرية في خضمّ الصراع الفكري مع التيارات اليسارية والعلمانية التي كانت تُعادي الفكرة الإسلامية بشكلٍ فظ وكانت تجد لها رواجاً بين شرائح عريضة من الناس.
أما الآن، وبعد الصحوة الإسلامية العارمة، والتي ترجمت نفسها من خلال صناديق الانتخابات في العديد من البلاد العربية والإسلامية فإن هذا الشعار قد أثبت نجاحه، وأثبتت الأحداث والثورات التفاف الناس حوله واقتناعهم به، وأصبح رفْع هذا الشعار اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية كمن يكرّر صنيع النبي صلى الله عليه وسلم بين كفار قريش عندما كان يقول لهم (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) مع أننا لم نسمع مثل هذا القول في طرقات المدينة أو بين صفوف المسلمين، طبعاً لأنهم انتقلوا من مرحلة الشعار العام إلى مرحلة التقنين الإسلامي الحضاري للحياة والمجتمع.

 

تابع أيضاُ في  مقال من “الإسلام هو الحل” إلى “الإسلام هو الحياة”

 

وبالتالي فإن الإسلاميين اليوم أمام مرحلة جديدة من مراحل العمل الإسلامي تفرض عليهم الانتقال لمرحلة التقنين والتبشير بالحياة الجديدة تحت مظلة الإسلام أو المشروع الإسلامي الحضاري والنهضوي، مرحلة الانتقال من الشعار العام إلى تفاصيل الحياة وجزئياتها وكيف يتعاطى الإسلام معها، مرحلة إيجاد البرامج العملية والواقعية لمشكلات الحياة وهموم الناس اليومية، مرحلة إيجاد الحلول لتوفير الخبز ولقمة العيش وتحقيق العدالة والمساواة، وتوزيع الثروات وتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار ورفاهية السكان، مرحلة الإجابة عن تساؤلات الناس حول قضايا المرأة والتعددية واحترام الآخر وتداول السلطة والعلاقة مع الخارج والأهداف المرحلية والإستراتيجية للأمة، مرحلة إيجاد الصيغ الإسلامية الواقعية للتعاطي مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بأن تكون هناك الخطط ..

 

والخطط البديلة، إنها مرحلة المنافسة مع التيارات الأخرى التي احتكرت صناعة القرار وتوجيه البلاد وتحديد مصائر الشعوب لعقود طويلة ماضية فأصبح لزاماً على “الإسلامي” أن يُقدّم للناس برامجه وأفكاره الجزئية والتفصيلية للحياة وعدم الهروب للشعارات العامة الفضفاضة التي يقتنع بها غالبية الناس ويتفقون معنا فيها، حتى إذا نزل الإسلاميون للمشكلات اليومية والقضايا الجزئية اصطدم الناس بفقر تجربتهم وخواء جعبتهم أو عدم واقعية برامجهم وأفكارهم أمام حصيلة التجربة الوفيرة للتيارات الأخرى وتداخلهم مع الناس في حياتهم حتى وإن آلت للفشل ..
فإن عامة الناس ستختار حينها صاحب البرنامج الفاشل على من ليس لديه برنامجٌ أصلاً !!

 

وإن مسألة إيجاد هذه البرامج الجزئية المناسبة لواقع مجتمعاتنا في القرن الحادي والعشرين بما فيها تداخل وتنوّع وانفتاح ليست عصيّةً على الفكر الإسلامي الذي أثبت مرونةً مذهلة في التعاطي مع كل الأزمان والأجيال وهو رسالة الله تعالى الخاتمة للبشرية جمعاء، إنما المطلوب أن تشكّل هذه القضية أولويةً لدى المفكّرين الإسلاميين وقادة العمل الإسلامي اليوم ، وأن ينهل منها الدعاة والخطباء والمتحدثين مع الناس ويُطوّروا خطابهم مع الناس بما يلامس احتياجاتهم اليومية وهمومهم العصرية وعرض رؤية الإسلام لإدارة الحياة وتفصيلاتها، وذلك بعد أن أصبحت الفكرة الإسلامية محط آمال الشعوب بل واختيارهم لقيادتهم وتمثيلهم في كثيرٍ من الميادين والمحطات.