مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

استراتيجية تحرير فلسطين

استراتيجية تحرير فلسطين
استراتيجية تحرير فلسطين
بقلم / أ.خالد أحمد أبو نحل
لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية أن الطريق إلى القدس لا يكون إلَّا عبر الانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة، ومن سلك غير هذا الطريق فهو من الهالكين، وتلك سنة كونية لا تبديل لها ولا تحويل، في هذه المقالة المقتضبة أود في البداية أن أؤكد على أن دولة (الكيان الصهيوني) ما كان لها أن تقوم وتبقى لولا الدعم الأوروبي، والحماية الأمريكية، والموقف العربي المتخاذل وتحوله عن شعار “محو إسرائيل من الخارطة” إلى اقتراح “ضمها إلى الجامعة العربية”.

 

وقد ظهرت معالم الانقلاب العربي (الرسمي) على القضية الفلسطينية في التضييق على الفلسطينيين أينما ذهبوا وأينما حلوا، لتبدأ بذلك سياسة توجيه الطعنات في ظهر القضية لإجبار الفلسطينيين على الانحناء والركوع أمام إسرائيل، وقد تمثلت أولى هذه الطعنات بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و (وتل أبيب) عام 1979.
ثم تلاها مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بين (إسرائيل) وكل من (سوريا، لبنان، الأردن وحركة فتح الفلسطينية)؛ أما الطعنة الثالثة فتمثلت في اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة (حركة فتح) و(إسرائيل)، وكان هذا الاتفاق بمثابة شهادة الوفاة للكفاح المسلح ضد دولة الاحتلال، حتى وصفه مدير الاستخبارات الإسرائيلي شلومو غازيت بأنه استعمار “ديلوكس” أو “فاخر”، ولم تتوقف الطعنات بل تعاقبت في دخول الدول العربية في مرحلة التطبيع مع العدو الدولة تلو الأخرى، في أوقح سلسلة خيانية تتعرض لها قضية فلسطين، إلى جانب اتساع عمليات التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال.

 

وهنا تبدو ملامح استراتيجية (إسرائيل) في احكام قبضتها على فلسطين واضحة من خلال:

 

1- الدعم الأوروبي والغطاء الأمريكي.

 

2-تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية.

 

3-إنشاء (كيان فلسطيني) تتلخص وظيفته في:

 

  • الاعتراف بحق اليهود في احتلال فلسطين.
  • خداع الفلسطينيين وترويضهم على التعايش السلمي مع المحتلين
  • التعاون مع أجهزة الاحتلال الأمنية في قمع المقاومة وإخماد الانتفاضة الشعبية بما يُعرف بــــ (التنسيق الأمني).
  • العمل على تمزيق وحدة الفلسطينيين وتشتيت كلمتهم في مواجهة الاحتلال.
  • تحسين صورة الاحتلال في نظر العالم وتجريم المقاومة الفلسطينية.

تابع في استراتيجية تحرير فلسطين

وبهذا يتضح لنا أن (إسرائيل) وصلت إلى أعلى درجات العلو إلى الحد الذي تتلقى فيه (إسرائيل) الدعم والمساندة من (الفلسطيني) صاحب القضية، وإلى الحد الذي يتحول فيه العمق العربي عمقاً لإسرائيل.

 

وإفشال هذه الاستراتيجية إنما يكون بــــــ: (الوحدة، والإعداد، والمواجهة)؛ ونقصد بالوحدة: الوحدة الفكرية والعضوية ووحدة العمل المقاوم للاحتلال لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) (الصف:4)؛ ونريد بالإعداد: التعبئة الفكرية والروحية والتدريب وامتلاك الوسائل القتالية عملاً بقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) (الأنفال:60)؛ ونريد بالمواجهة: استنزاف قوة العدو وقدراته لإفشال استراتيجيته التوسعية في الوطن العربي، وللحيلولة دون استقراره على أرض فلسطين ولإخراجه من ارضنا مذؤوماً مدحورا.

 

وهنا نؤكد على أن الشعب الفلسطيني قادر على تحرير أرضه من خلال إضعاف العدو وتشتيت قواه ويكون ذلك بالمواجهة المفتوحة على جميع الجبهات القتالية (الضفة والقدس وغزة والـ 48)، وفي جميع الميادين التي تستنزف طاقته (الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية) حتى يتحقق لنا وعد الآخرة بدخول المسجد الأقصى كما قال تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء:7)

 

الخلاصة:

 

لقد أثبتت المقاومة الباسلة في قطاع غزة أن الطريق إلى القدس إنما يكون بسيف القدس لا بمفاوضات السلام؛ وأن الشعب الفلسطيني قادر على قلب الموازين وتغيير المعادلات من خلال الانتفاضة الشعبية التي تعم جميع أنحاء فلسطين، والعمليات العسكرية المنطلقة من الضفة الغربية وقطاع غزة، تمهيداً لخوض الحرب المفتوحة مع الكيان والتي يتحقق بها وعد الآخرة بالنصر والتمكين.

 

(وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا) (الإسراء:51)