الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

الانتخابات-الفلسطينية-عبر-الإنترنت

الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

د. عصام عدوان
14/10/2021م

 

يُقدِّم هذا المقال تصوراً متكاملاً لآلية انتخاب حديثة ومتطورة وإبداعية تُجنِّب الشعب الفلسطيني عراقيل الانتخابات المصطنعة، ويبيِّن فوائدها، ويوضِّح الخطوات اللازمة للشروع في العمل..

 

التعريف:

 

يمكن تعريف الانتخابات الإلكترونية عبر الإنترنت (المعروف أيضًا باسم الانتخابات الرقمية) بأنها: الأنظمة التي يتم فيها الحصول على الأصوات أو الإدلاء بالأصوات أو فرز الأصوات في الانتخابات والاستفتاءات السياسية باستخدام تطبيقات رقمية خاصة واتصال جهاز شخصي بالإنترنت وبدون مراكز اقتراع. وهذا النوع يوفر للمسؤولين عن الانتخابات أقل قدر من التحكم وأكبر إمكانية للوصول والراحة للناخبين.

 

دول كثيرة في العالم طبّقت أنظمة انتخاب إلكترونية عبر الإنترنت، بشكل جزئي، منها: أستونيا، أستراليا، أرمينيا، فرنسا، باكستان، بنما، (هذه الدول الأربع الأخيرة تقصر الانتخاب عبر الإنترنت لمن يعيشون خارج بلدهم)، المكسيك، نيوزيلاندا، عُمان، روسيا، الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، كندا (انتخابات بلدية فقط)، النمسا، سويسرا، بلجيكا، وغيرها.

 

تجربة أستونيا:

 

لقد كانت تجربة دولة أستونيا (على بحر البلطيق) هي الأولى في هذا المجال حيث بدأت في تنفيذ انتخاب عبر الإنترنت منذ عام 2005 وبشكل جزئي محدود ومكمِّل للاقتراع عبر الصناديق، لكنها توسّعت في هذا المجال تدريجياً، وقد أصدرت لهذا الغرض بطاقة هوية إلكترونية ذات توقيع رقمي تحمل (ID) للشخص، وتمنح كل شخص بريد إلكتروني يحمل نطاق الدولة (@eesti.ee) لأجل الاستخدامات الرسمية التي تتواصل فيها الدولة مع المواطن في أستونيا، وفي عام 2019م أدلى حوالي 43% من الناخبين بأصواتهم للانتخابات البرلمانية، وحوالي 47% للبرلمان الأوروبي، كان معظمهم من المقيمن في الخارج، وقد أجيز للفرد التصويت حتى ثلاث مرات خلال الفترة الممنوحة للتصويت، على أنه لن يُحسَب سوى الانتخاب الأخير فقط.

 

تابع في الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

لغة العصر:

 

جاءت الانتخابات الرقمية منسجمة مع روح العصر الذي بدأت تغزوه الرقمنة في كل شيء تقريباً، فهناك تعليم إلكتروني، وبنوك، وبورصة، وجوازات سفر، وبطاقات شراء وتنقُّل، وجميعها إلكترونية في كثير من دول العالم، وكطبيعة كل تطور، فإنه يبدأ بسيطاً وقليلاً ثم يتطور حتى يسود ويصبح هو السمت الغالب على حياة الناس.

 

الانتخابات عبر الصناديق:

 

يعتبر تحدي عدم الكشف عن الهوية، من أهم ما تعالجه الانتخابات التقليدية عبر صناديق الاقتراع، فيجب أن يكون تصويتك مجهول الهوية تماماً، فلا يتمكن أحد من معرفة لمن صوتَّ، وهذا ما يجعل المصوِّت آمناً وبعيداً عن التهديد أو الرشوة. كما يجب توفُّر الثقة المطلقة والشفافة، ليتأكد للنظام الانتخابي أن صوتك محسوب بشكل آمِن ودقيق، وهذا يتم بوجود أشخاص يحرسون الصناديق ويمثلون الجهات المتنافسة ويتأكدون من إجراءات أمان الصناديق، إذ لا يمكن الوثوق بشخص واحد، فقد يكون فاسداً أو تحت التهديد أو غير كفء أو الثلاثة معاً، ورغم سرية عملية الانتخاب إلا إنه يمكن تحديد هوية الناخب إذا أمرت المحكمة بذلك، وأحياناً يتم الكشف عن هوية الناخبين جرّاء تورُّط بعض أعضاء المحكمة في فساد.

 

 

وهكذا فالاقتراع عبر صناديق الاقتراع ليس مثالياً بما يكفي، لكن التهديدات التي يتعرض لها قليلة، وأصبحت عمليات تهديد صناديق الاقتراع عبر الزمن معروفة ويمكن الاحتياط لها، وكلما زادت الأوراق التي تحتاج إلى تغيير، زاد عدد الأشخاص الذين تحتاج للتأثير عليهم، وكلما زاد الوقت والمال الذي تستغرقه، كلما قلَّت سرية واحتمالية إخفاء محاولات العبث القليلة، فمن بين آلاف صناديق الاقتراع لا يمكن التأثير إلا على عدد قليل منها لايؤثر بشكل واضح في النتائج، من مثل محاولات التأثير على تصويت كبار السن أو العَجَزَة من خلال وكلائهم. إن أحد أوجه عزوف الحكومات عن الانتخابات الرقمية يتمثل في خشيتها من فقد السيطرة على أداة التحكّم في الانتخابات، ولاسيما في الدول النامية وذات الطبيعة الديكتاتورية.

 

الانتخاب عبر الإنترنت:

 

أما التصويت عبر الإنترنت، فالمشكلة الأولى التي تواجهه هي مدى الوثوق في التطبيق الإلكتروني، فضلاً عن عدم دراية أعداد كبيرة من الناخبين ببرامج القرصنة وتطبيقات الفيروس وحصان طروادة التي تخترق أجهزتهم دون علمهم، والتي يمكن أن تشكِّل خطراً على تصويتهم في أيام التصويت حيث يسهل على المخترقين اختراقهم والتأثير على تصويتهم أو إلغائه أو منعه من الوصول، خصوصاً إذا أشرفت على عمليات الاختراق حكومة “وطنية” أو حكومات (ولاسيما إسرائيل) تهدف إلى عدم تمكين الفلسطينيين من اختيار ممثليهم بشكل حقيقي.

 

 

إن كان أكبر تشكيك في جدوى الانتخابات عبر الإنترنت هو احتمالية التأثير عليها من القراصنة والمتلاعبين، فإن أكبر سلبية في انتخابات صناديق الاقتراع في ظل الاحتلال هو منع العملية الانتخابية من أساسها كما حصل مؤخراً في القدس، أو تدخله في مصادرة الصناديق أو منع الناخبين من الوصول إليها، أو سرقة الجهات الحاكمة للصناديق أو تبديلها أو إتلافها تحسباً لاحتمالات الخسارة، الأمر الذي يجعل الانتخابات عبر الإنترنت متقدِّمة كثيراً على انتخابات الصناديق.

 

اقرأ أيضاُ في الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

الحاجة الفلسطينية:

 

وبالتأكيد فإن أيّاً من تلك الدول لم تكن بحاجة ماسة لهذا النوع من الانتخابات كاحتياج الشعب الفلسطيني، وإن كان دافعهم هو التقدّم العلمي والتقني والحرص على راحة المواطنين وتسهيل عملية الاقتراع لهم وتوفير تكاليف الاقتراع، فإن الحاجة والضرورة توجبان هذا النوع من الانتخاب للشعب الفلسطيني بسبب تبعثره في معظم دول العالم، وهو ظرف فريد لم تتعرض له دولة أخرى ليُقاس عليها.

 

لقد واجه الشعب الفلسطيني صعوبات حقيقية وذات تأثير بالغ على مسار قضيته جرّاء عدم القدرة على إجراء انتخابات في أماكن تواجده. لم تكن التقنيات تسمح ولا الأفكار متوفرة قبل خمسين سنة مثلاً، على العكس من اليوم، فقد أصبح بالإمكان تجاوُز تلك الصعوبات وتنفيذ انتخابات عبر الإنترنت لا تحتاج لموافقة الدول المضيفة للفلسطينيين، ولا تخضع لسيطرة أحد.

 

لم تسنح فرصة سابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية من أن تكون مؤسسة ديمقراطية كما اليوم، فإن خلت تشريعاتها من أي تنظيم لانتخابات فلسطينية على أي مستوى، ولم تعمل على تكوين سجل انتخابي شامل لكل الشعب الفلسطيني، ولم تقم من قبل بأية انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، فإنه أصبح بمقدورها اليوم معالجة كل هذه الأمور عبر التشريع للانتخابات الإلكترونية عبر الإنترنت، وتكوين سجل انتخابي إلكتروني للشعب الفلسطيني أينما كان، وتطبيقها. وهو أمر مطروح بين يدي قيادات ومفكري وفنيي وهيئات الشعب الفلسطيني لمعاونة منظمة التحرير الفلسطينية في إيجاد الطريقة الأمثل التي تتغلب بها على العراقيل الجيوسياسية التي كبَّلت الشعب الفلسطيني منذ النكبة.

 

تابع في الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

تأمين مخاطر الانتخابات الإلكترونية عبر الإنترنت:

 

يجب أن تفرز كل مجموعة انتخابية أو حزب أو فصيل، خبيراً في البرمجة لفحص البرنامج الانتخابي الإلكتروني قبل العمل، مع تطبيق تجريبي له، ومراقبته أثناء العمل، لضمان ألا يكون في برمجته ما يحوِّل انتخابات الأفراد إلى جهة محددة، أو القيام بعملية انتقائية تلقائية توجِّه 20% مثلاً من عملية انتخاب في بلدٍ ما لتصب لصالح فصيل محدد. يجب على الخبراء فحص البرمجة بعناية فائقة والاستعانة بخبراء دوليين موثوقين.
كما يجب فحص السيرفرات التي يتم التحميل عليها، لضمان عدم اختراقها من الدول المالكة لها خدمة لطرف فلسطيني أو تفويتاً على الشعب الفلسطيني خياراته لصالح إسرائيل. ومع ذلك تُعتبر عملية الانتخاب عبر الإنترنت هي الأكثر وصولاً للناخبين في كل مكان، وهذا ما يلائم بالضبط حاجة وطبيعة الوجود الفلسطيني المنتشر على غير العادة في أكثر من 170 دولة، فإن إدراج التصويت عبر الإنترنت يعد من العوامل المشجعة على زيادة نسبة المشاركين في الاقتراعات ولاسيما من فئة الشباب والأجيال الأقل ارتباطاً بفلسطين بسبب البعد الجغرافي والاختلاط الثقافي.

 

آفاق:

 

إن البحث عن سبل وتقنيات لمنع القرصنة وتأمين الناخبين وتسهيل ترشيحات المرشحين، يجب أن يكون هو الشغل الشاغل للقيادة الفلسطينية من أجل تحقيق أمنية شعبنا في وحدة القرار ووحدة المصير عبر تمكينه من اختيار ممثليه بكل شفافية ومصداقية واقتدار، وإن أحد الوسائل الممكنة لتصعيب العمليات السيبرانية هو اعتماد أكثر من برنامج انتخابي إلكتروني، بحيث يُطبَّق كل واحد في إقليم معيّن، مع قابلية أن تصب كل هذه البرامج في قاعدة بيانات واحدة لفرز النتائج. وقد يكون الانتخاب اللامركزي هو أفضل طريقة للتغلب على محاولات التدخل الخارجية التي اعتادت عليها عديد الدول في الشأن الفلسطيني.

 

يمكن تطبيق آلية الانتخاب الإلكتروني عبر الإنترنت في تصويت أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني على القرارات حيث يصعب اجتماعهم تحت قبة واحدة، وقد يحتاج أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني لذات الآلية.

 

تابع في الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

لماذا يتم اللجوء إلى انتخابات رقمية عبر الإنترنت للفلسطينيين؟

 

1. تعقيدات القضية الفلسطينية أوجدت تدخلاً دولياً من نوع فريد في شئون الشعب الفلسطيني، فالدول العربية ترفض إجراء انتخابات للشعب الفلسطيني في أراضيها لاعتبارات سياسية أو ديمغرافية، ولارتباطات دولية مشبوهة، وبعض الدول الأجنبية تشاركهم هذه الاعتبارات خدمة لإسرائيل، فضلاً عن دولة الاحتلال التي سترفض بالتأكيد مشاركة 2 مليون فلسطيني لديها في انتخاب ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني. وتمثِّل الانتخابات الرقمية عبر الإنترنت مخرجاً من تأثير الجيوسياسة على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني.

 

2. لم يخض الشعب الفلسطيني انتخابات عامة للمجلس الوطني الفلسطيني أبداً، ولا شك أن كبار الفلسطينيين وصغارهم، ذكورهم وإناثهم يتوقون إلى يوم يتمكنون فيه من الانتخاب، وهذا لن يحصل بدون انتخابات عبر الإنترنت للأسباب المرتبطة بالسبب السابق.
3. سيثبت الفلسطينيون، كما العادة، قدرتهم على تخطي الصِّعاب، وتذليل المستحيل، بإرادتهم الصّلبة، ويثبتون مجدداً حقهم في الحياة بكرامة وتقرير مصيرهم، ونيل حريتهم، إذ لا يُعقل أن يستسلم الفلسطينيون لصعوبات الانتخابات بسهولة ويفقدون حقهم في تجديد قياداتهم وإملاء شروطهم على المجتمع الدولي، بينما تتمكن من ذلك دولة صغيرة مثل أستونيا!

 

4. إن تكوين سجل انتخابي إلكتورني للفلسطينيين في العالم، سيكون فرصة ذهبية غير مسبوقة لتكوين تعداد سكاني أقرب ما يكون من الحقيقة، وسيتبع ذلك إصدار بطاقة تعريف إلكترونية غير مطبوعة تمكِّن صاحبها من إثبات فلسطينيته لأي حاجة يريدها بما فيها الانتخاب عبر الإنترنت، بل يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية إصدار تلك البطاقات فيزيائياً (بطاقة ممغنطة) تقوم مقام جواز سفر فلسطيني يحصل عليه كل مَن أراد من الفلسطينيين، ولاسيما فلسطينيي الخارج، وهذا يؤكد سيادة منظمة التحرير لكل الشعب الفلسطيني.

 

5. حتى انتخابات المجلس التشريعي ستستفيد من أسلوب الانتخاب عبر الإنترنت في تخطي عقبات الاحتلال الإسرائيلي، وقد استاء الفلسطينيون من تأجيل الانتخابات التشريعية بسبب عدم موافقة الاحتلال على إجرائها في القدس، بل هو قادر على تعطيلها أيضاً في أرجاء الضفة الغربية، وهكذا تمثِّل الانتخابات عبر الإنترنت تحديّاً أمام الاحتلال يمنعه من فرض إرادته الشيطانية على الشعب الفلسطيني.

 

6. يبحث الجميع عن الراحة وسرعة الأداء، في زمن اتسم بتعقُّد الأعمال والارتباط الأكبر بالتكنولوجيا وشبكة الانترنت؛ فكثير من الناخبين يعزفون عن التوجُّه إلى صناديق الاقتراح، ومن المرجَّح الحصول على استجابة كبيرة منهم لصالح انتخابات يقومون بها في لحظات دون الحاجة لتعطيل أعمالهم أو السفر والانتقال من أماكنهم إلى مراكز اقتراع، ولاسيما في دول الشتات.

 

7. فئة الشباب أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا المعاصرة، وشغفاً بالأساليب التقنية، وأقل اهتماماً بالسياسة، خصوصاً خارج فلسطين، ومن شأن انتخابات عبر الإنترنت أن تشجعهم لخوض التجربة.

 

8. العديد من المعاقين حركياً أو العجَزَة وكبار السن يعزفون عن التوجُّه إلى صناديق الاقتراع، بسبب المشقة وبُعد المسافة، ولاسيما لفلسطينيي الخارج، وستكون انتخابات عبر الإنترنت مشجِّعة لهم لخوضها حيث لا تكلفهم جهداً ولا وقتاً ولا تخوفاً من أن يتلاعب بهم أحد أمام صناديق الاقتراع.

 

9. ينتشر الفلسطينوين في أكثر من 170 دولة في العالم، ولن تقوم دولة منهم بتعطيل الحياة العملية والدراسية لأجل انتخاباتهم، وبالتالي سيتمكن الفلسطينيون في تلك الدول من ممارسة حقهم الانتخابي دون تعطيل أعمالهم أو دراستهم. كما سيوفر الانتخاب الإلكتروني عبر الإنترنت على السلطة الفلسطينية تعطيل الأعمال ليوم انتخابي، وهو من شأنه توفير مبالغ طائلة تتكبدها أي حكومة جرّاء عطلة يوم الانتخابات.

 

10. بعض الدول يتواجد فيها مجرد عشرات أو مئات من الفلسطينيين، ومن غير المأمول أن تقوم إدارة الانتخابات – في حال تقرَّر إجراؤها لكل الشعب الفلسطيني – أن توفر لهم صندوق اقتراع في السفارة الفلسطينية أو ربما لا سفارة هناك. وسوف يتمكن هؤلاء من الاقتراع عبر الإنترنت بكل سهولة.

 

11. اختلاف المواقيت بين هذا العدد الكبير من دول العالم التي يقيم فيها فلسطينيون سيجعل عملية الانتخاب عبر صناديق الاقتراع تأخذ عدة أيام لتناسب مواعيد النهار في كل دولة، بينما لا حاجة لهذه التعقيدات في حالة انتخابات عبر الإنترنت، التي قد يقوم بها شخص في منتصف الليل أو الفجر إن شاء، لتنتهي كل العملية الانتخابية في غضون 24 ساعة.

 

12.  من الناحية الإدارية ، يمكن أن يقلل التصويت عبر الإنترنت من أخطاء الاقتراع والفساد، والتي يمكن أن تحدث عن طريق اختيار عدد كبير جدًا أو عدد قليل جدًا من المرشحين، أو العلامات غير الواضحة، أو العلامات التي تحدد هوية الناخب.

 

13. في الانتخابات الرقمية يمكن للأميين رقمياً الاستعانة بأبنائهم أو أحد أفراد الأسرة، بينما قد لا يتاح ذلك في الاقتراع الورقي. وفي هذا رد على القائلين بعقبة الأمّية الرقمية.

 

14. مئات آلاف الفلسطينيين في أميركا الجنوبية وغيرها يجدون صعوبة في قراءة اللغة العربية، والتصويت عبر تطبيق إلكتروني عبر الإنترنت سيتيح لهم القراءة والتوصيت بأية لغة يريدونها.

 

15. إذا ما أرادت منظمة التحرير الفلسطينية تنفيذ انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني عبر العالم، فإنها بحاجة للتنسيق مع حوالي 170 دولة يتواجد فيها فلسطينيون، وهذا أمر في غاية التعقيد، ويتطلب تكاليف مالية ضخمة، ويتعرض لمخاطر لا حصر لها، ويكاد يكون تفكيراً خيالياً غير قابل للتطبيق.
لكن الانتخابات عبر الإنترنت ستتجاوز كل هذه التعقيدات وليست بحاجة لكثير من الأموال. فقد قدَّرت الإدارة الأمريكية تكلفة الانتخاب الإلكتروني للفرد بدولار واحد فقط، وهذا يعني أن مشاركة حوالي خمسة مليون فلسطيني مثلاً سيكلِّفون خمسة ميلون دولار أمريكي فقط، وهو مبلغ زهيد لمثل هذه العملية ويمكن تدبيره.

 

16. لن تقتصر فائدة الانتخابات الرقمية عبر الإنترنت على انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني، أو المجلس التشريعي، بل تتعداها لتخدم الفصائل الفلسطينية التي ينتشر أعضاؤها انتشار الفلسطينيين في دول العالم، كما يخدم الاتحادات الشعبية الفلسطينية، كالعمال والمعلمين والأطباء والمهندسين، وغيرها، وما على الفصيل او الاتحاد سوى الإعلان عن يوم الانتخاب، وفتح رابط الانتخاب عبر الإنترنت، لتنتهي العملية في أقل من 24 ساعة، ونحصل على نتائج رائعة تساهم في ضبط أحوال الشعب الفلسطيني سياسياً ومهنياً.

 

17.  وتمتد فوائد التصويت عبر الإنترنت لتساهم في استفتاء الشعب الفلسطيني على دستوره أو ميثاقه الوطني أو قانونه الأساسي، أو أية مسألة تحتاج رأي الشارع الفلسطيني برمته.

 

وفي الجدول التالي أبرز مخاطر ومزايا الانتخاب عبر الصناديق وعبر الإنترنت فيما يخص الحالة الفلسطينية (التظليل الأحمر للأفضل، والأصفر للتعادل، والأزرق للأسوأ):

Publication1-300x212 الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

وهكذا يتضح من هذه المقارنة أن الانتخاب عبر الإنترنت يتفوق كثيراً على انتخابات الصناديق بالنسبة للحالة الفلسطينية تحديداً.

 

تابع في الانتخابات الفلسطينية عبر الإنترنت

التحضيرات اللازمة

 

التحوُّل من الانتخابات التقليدية عبر صناديق الاقتراع إلى انتخابات عبر الإنترنت يحتاج مجموعة من التحضيرات المسبقة وخلق بيئة معرفية وقانونية وتقنية وأمنية مناسبة.

تشريعات قانونية:

 

يجب تعديل قانون الانتخابات الفلسطيني، مع العلم بأنه لا يوجد قانون من هذا القبيل لانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني، ويقتصر التشريع الموجود على انتخاب المجلس التشريعي الفلسطيني فقط؛ ولذلك وجب سن قانون صادر عن المجلس الوطني الفلسطيني يُقِرّ انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني والاتحادات الشعبية المعتمدة فيه، وإعادة النظر في آلية انتخاب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ليتم انتخابه من الشعب مباشرة في ظل توفر آليه إلكترونية تسهِّل هذا الإجراء الذي لم يتوافر من قبل.
يجب على الفصائل والقوى والمؤسسات الفلسطينية كافة أن ترسل خطابات إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني تطالبهم باعتماد انتخابات عبر الإنترنت للمجلس الوطني الفلسطيني وتوفير الإمكانيات اللازمة لذلك، باعتبار أنه لا بديل متاح لإجراء هذه الانتخابات.

لجنة انتخابات وطنية:

 

في حال أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني آلية انتخاب عبر الإنترنت ووضع لها قانوناً، فلا شك أنه سيشكِّل لجنة انتخابات وطنية للقيام بما يلزم. وفي حال تقرَّر تطوير لجنة الانتخابات المركزية الخاصة بانتخابات السلطة الفلسطينية، فيمكن إعادة تسميتها وتكليفها باعتماد الآليات الجديدة وتكوين سجل انتخابي لكل الشعب الفلسطيني.
وأما إذا تقاعس المجلس الوطني عن دوره، وتذرّعت لجنة الانتخابات المركزية بعدم الاختصاص، ولم يحرك أي مسئول ساكناً، فهذا يعني أن الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني قد وُضعت في الأدراج، وفي هذه الحالة يجب أن تنبري هيئة وطنية شعبية لتأخذ على عاتقها ملء الفراغ، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه السياسية وخصوصاً حقه في الانتخاب، من خلال تشكيل لجنة انتخابات وطنية.

 

 

الخطوات التحضيرية:

 

1- وضع قانون انتخابي يعتمد الانتخابات عبر الإنترنت كوسيلة وحيدة لانتخابات الشعب الفلسطيني.

 

2- إرسال وفد إلى دولة إستونيا لدراسة تجربتها في التصويت عبر الإنترنت وآلياته، وتوقيع اتفاقية تعاون معها بهذا الصدد.

 

3- إرسال لجنة فنية لشركة سايتل (Scytl) الأسبانية المتخصصة في الانتخابات عبر الإنترنت والتي أدارت مثل هذه الانتخابات في عدد من الدول التي طبقتها، وذلك بهدف التعرف على آلية العمل، والضمانات، والتحقُّق من مستويات الأمان القصوى، وإمكانيات الاستفادة.

 

4- تجهيز سيرفرات خاصة للعملية الانتخابية والتعاقد مع مشغليها، بحيث يكون لكل إقليم (دائرة انتخابية) سيرفر خاص.

 

5- تجهيز موقع إلكتروني لعرض أسماء وسِيَر المرشحين للانتخابات، مربوطاً بنموذج بيانات يقوم بتعبئته كل مَن يرشح نفسه مع دفع رسوم ترشيح عبر بطاقات الدفع الإلكترونية، لتتجمع هذه الأموال في بنك متفق عليه لتمويل العملية الانتخابية. بمجرد اكتمال المرشحين، يتم تصميم بطاقات الاقتراع وإرسالها بشكل آمن إلى الأعضاء قبل التصويت بيوم أو أكثر.

 

6- تكوين ستة مليون إيميل يحمل نطاق فلسطين، وحجزها للناخبين، بحيث يحصل كل فلسطيني مسجَّل في سن انتخابي على إيميل رسمي. يتيح لكل فلسطيني أن يرسل أوراقه الثبوتية عبر هذا الإيميل الخاص، ويتلقى عبره أية إعلان أو إرشادات وتعليمات خاصة بالعملية الانتخابية.

 

7- تكوين قاعدة بيانات لسجل انتخابي فلسطيني عبر تطبيق إلكتروني سهل الاستخدام، وآمن، يقوم كل فلسطيني بتعبئته مرفقاً الإثباتات المطلوبة. يتم حفظ هذه البيانات في قاعدة بيانات مركزية تشرف عليها لجنة الانتخابات الوطنية.

 

8- تجهيز إعلان ممول يدعو كل فلسطيني لإثبات حقه الانتخابي بالدخول إلى التطبيق الإلكتروني لتعبئة بياناته وإثبات فلسطينيته لضمان حقه الانتخابي. مطلوب أن يصل الإعلان لكل فلسطيني عبر العالم ليس أقل من مرة يومياً ولمدة شهر.

 

9- لتسهيل المهمة يُكتفى في الضفة الغربية وقطاع غزة بالسجل الانتخابي، وتتم مراسلة كل عضو فيه لتعبئة النموذج الإلكتورني لينضم إلى قاعدة البيانات المركزية، وبدلاً من إرفاق إثباتات لفلسطينيته، يُدخل رقمه في السجل الانتخابي في مناطق السلطة الفلسطينية.

 

10- توجيه نداء لخبراء البرمجة الفلسطينيين عبر العالم، لعقد ورشة عمل متخصصة لتطوير برنامج (تطبيق إلكتروني) انتخابي أو أكثر عبر الإنترنت يضمن سلامة العملية من أولها لآخرها. وتصبح هذه المجموعة هي اللجنة الفنية لمراقبة سير العملية الانتخابية فنياً.

 

دعم فني مستمر:

 

يجب أن توفر الخدمة أيضًا دعمًا فنيًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع للمرشحين وللناخبين الأفراد إذا واجهوا مشكلة في الوصول إلى بطاقات الاقتراع. يجب عليك أيضًا التأكد من أن الناخبين لديهم القدرة على الوصول إلى بطاقات اقتراعهم في أي وقت وفي أي مكان في يوم الانتخابات.

تتبُّع التصويت:

 

يمكن لأنواع معينة من البرامج تتبع عمليات الفتح ومعدلات النقرات واللحظة الدقيقة التي تتم فيها معالجة التصويت. يمكنك مراجعة الأصوات فور ورودها ، دون معرفة من أدلى بصوته. بمجرد انتهاء الانتخابات الرقمية، ستوفر لجنة الانتخابات الوطنية جدولة للنتائج مع تحليلات إضافية عند الطلب.

حماية:

 

يجب أن يكون الأمن دائمًا أولوية قصوى. هذا يعني أنه يجب الاستعانة بلجنة فنية خبيرة أو بمزود خدمة يقدم مجموعة واسعة من خيارات الحماية.
يجب أن يُسمح لكل عضو بالتصويت مرة واحدة فقط أو تمكينه من تغيير انتخابه على أنه سيتم احتساب آخر تصويت له من خلال البرنامج ويجب أن تظل بطاقات الاقتراع سرية. يجب أن يكون نظام الإدارة قادرًا على عد الأصوات.

تكامل وسائل التواصل الاجتماعي:

 

فعندما يكمل أحد الأعضاء اقتراعه عبر الإنترنت، سيرى أيقونات الوسائط الاجتماعية لمواقع مثل Facebook و LinkedIn – والتي بُشار إليها باسم “أزرار الوسائط الاجتماعية”. وهذا يمنح الناخبين القدرة على إعلان أنهم أدلوا بأصواتهم بنجاح وبشغف، ويشجع زملاءهم على فعل الشيء نفسه. لقد أصبح الناس يشاركون أحداث حياتهم مع الآخرين على الإنترنت – والتصويت ليس استثناءً. هذا البث العام المتعمد لأحداث الحياة يعادل الذهاب إلى تجمع عائلي والإعلان عن إشهار، وإن كان مع إمكانية وصول أكبر بكثير. وقد يغري عضوًا آخر أن يفعل الشيء نفسه. فوفقًا لإحدى الدراسات القليلة التي حللت حملة “الخروج للتصويت” المبكرة على Facebook ، قرر الباحثون أن مثل هذه المشاركة يمكن أن يكون لها تأثير على الإقبال على الانتخابات.

وثم

 

قد يتراءى للمرء صعوبة هذه التحضيرات وتكلفتها، لكنها بكل تأكيد أوفر وأخف من أية تحضيرات لازمة لانتخابات عبر صناديق الاقتراع، وهي الأنسب لحاجات الشعب الفلسطيني، وستعود بالنفع عليه في جوانب كثيرة، أولها انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني.