تأثير فتح في منظمة التحرير الفلسطينية

المؤسسات القيادية داخل منظمة التحرير الفلسطينية

محاضرة بعنوان /

تأثير فتح في منظمة التحرير الفلسطينية

 

للدكتور / عصام عدوان

 

 

منذ دخول حركة فتح للمجلس الوطني بتركيبته الجديدة عام 1968 ونفوذها في ازدياد من خلال وجودها في المستقلين والاتحادات الشعبية.

 

نسبة فتح في المستقلين والاتحادت الشعبية عوضت حجم فتح لتجعل منها أغلبية في المجلس الوطني بحيث زادت على 70%، وهذا يفسِّر كيف تحسم فتح كل القرارات داخل المجلس الوطني.

 

والصورة مشابهة تماماً في تركيبة اللجنة التنفيذية، فممثلي فتح فيها هم أربعة أشخاص فقط، لكن هناك شخصيات أخرى من فتح تمت إضافتهم إلى اللجنة التنفيذية كمستقلين، لتصبح فتح أغلبية تحسم القرارات، حيث لم تنزل نسبة فتح عن 50%.

 

والصورة مشابهة في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي تشكَّل بقرار من المجلس الوطني الدورة الحادية عشرة في عام 1973م، والذي ضمّ اللجنة التنفيذية وأمناء الفصائل والقيادات العسكرية وخبرات، فبدأ عدده ب 32 عضواً، حازت فيهم حركة فتح على الأغلبية، وكانت أقل نسبة لها هي 47%. والمجلس المركزي يقوم مقام المجلس الوطني في غير انعقاده، وهو ينعقد كل ثلاثة شهور، وتُعرض قراراته على أقرب مجلس وطني ينعقد، ليقر تلك القرارات أو يلغيها أو يعدِّلها.

 

 

المسار السياسي لمنظمة التحرير:

 

القضية الفلسطينية هي قضية سياسية بامتياز، فكيف تعاملت منظمة التحرير وقيادتها مع القضية الفلسطينية.
إن وزن حركة فتح في الهيئات القيادية لمنظمة التحرير كان له التأثير الرئيس في اتخاذ كل القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بل يمكن القول ان فتح هي التي رسمت مسار منظمة التحرير منذ دخولها وسيطرتها على المجلس الوطني في عام 1968.

 

 

لم يكن هدف النظام العربي من إنشاء منظمة التحرير واعتمادها ممثلة للفلسطينيين، أن تقوم المنظمة بالتحرير، بل تم تقييد عملها، وأُريد لمنظمة التحرير ألا تتمكن من التحرير. وقد أكد ذلك تصريح الرئيس المصري جمال عبد الناصر بعد مؤتمر القمة العربي الثالث في عام 1965: “لقد أصبح للشعب الفلسطيني منظمة تمثله وهي تتعاطى مع قرارات الأمم المتحدة”. ولما شرع الشقيري بحرب تحرير شعبية بعد النكسة، قرر النظام العربي التحلص منه، وفتحت مصر أبوابها امام حركة فتح أملاً في احتوائها وتدجينها.

 

تابع في محاضرة تأثير فتح في منظمة التحرير الفلسطينية

كان هدف فتح الأساس هو تحرير فلسطين وتصفية الوجود اليهودي فيها، لكنها بعد النكسة أجرت تغييراً على هدفها بالامتناع عن ذكر التصفية الاجتماعية، وأضافت هدفاً جديداً يقضي بإقامة دولة ديمقراطية يعيش فيها السكان بدون تمييز على أساس الدين أو العرق او اللغة، الأمر الذي يعني تقبّلها للوجود اليهودي في الدولة الديمقارطية، وبالتالي تمكنت فتح من خلال ثقلها في منظمة التحرير باعتماد هذه السياسية، واعتماد الدولة الديمقراطية.

 

 

وعندما صدر قرار 242 في 22/11/1967، والذي دعا لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، رفضته حركة فتح ومنظمة التحرير، وأصدرت تفنيداً له في 10/12/1967م، ولكن حركة فتح أعلنت رفضها لعودة الضفة وغزة إلى الوضع السياسي السابق، ومن هنا طرأ على فكرها السياسي تطور مهم يقضي بالحديث عن إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة، ولكن قيادات الصف الثاني أثارت بلبلة حول هذا الطرح الأمر الذي دفع القيادة للتراجع، وهو ما أفصح عنه صلاح خلف بالقول: تم طي الموضوع إلى ظروف أفضل.

 

 

كانت الظروف الأفضل لمبادرات سياسية ليقبلها لاشعب الفلسطيني هي الظروف الأسوأ التي يتعرض لها الفلسطينيون، فالخروج من الأردن دفع فتح لبحث مسألة دخول الأرض المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية فيها. تم مناقشة هذا الأمر في المؤتمر الثالث لحركة فتح في عام 1971م، وكان هذا الطرح هو أساس مشروع الحل المرحلي. فقناعات حركة فتح تنعكس على منظمة التحرير تلقائياً. وقد استفادت فتح من اعتناق الجبهة الديمقراطية لفكرة الحل المرحلي، واستفادت فتح من دخول الجبهة الديمقارطية على هذا المسار.

 

 

كما أدت اتصالات قيادة منظمة التحرير بالخارجية الأمريكية منذ عام 1975 وحتى عام 1977م، والتي مثلتها قيادة حركة فتح نفسها، حتى طلب منهم وزير الخارجية الأمريكي الاعتراف بالقرار 242 كما هو. كان ذلك بعد محاولات لطرح صيغ أخرى، أدركت من خلالها القيادة الأمريكية أن قيادة المنظمة أصبحت جاهزة للرضوخ، لكن زيارة السادات لإسرائيل في نوفمبر 1977 قطعت حبل التفكير، وانحازت المنظمة للموقف العربي المناهض لخطوات السادات، ومع ذلك أرسل ياسر عرفات رسالة إلى السادات بخط يده يسأله: هل يضمن الحكم الذاتي المطروح في الوثيقة الأولى لاتفاق كامب ديفيد مجيء قيادة منظمة التحرير على رأسه؟

 

لقد عمل ياسر عرفات على تمرير مشروع الحل المرحلي رغم تخوف الفصائل المعارضة، فحرص على إرضائها من خلال صيغ ذكية، أدت لقبولهم، مثل عبارة: إقامة السلطة الوطنية المقتلة على أية أرض يتم تحريرها. وهكذا صوتت كل الفصائل على هذه الصيغة وعلى كل النقاط العشر في عام 1974م. وقد رأى المجتمع الدولي في هذه الخطوة نضوجاً فكرياً وسياسياً، فرحب بذلك ، وأقرّ بأن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وكان هذا التشديد في العبارة موجّها نحو الأردن الذي كان ينافس المنظمة على تمثيل الشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *