مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

انتخاب مجلس وطني فلسطيني

انتخاب مجلس وطني فلسطيني

انتخاب مجلس وطني فلسطيني 

 

د. عصام عدوان

 

أصبح الطريق أمام انتخاب مجلس وطني فلسطيني ممهداً بعد تعطيل طويل.فقد أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس المرسوم الرئاسي في 15 يناير 2021 بإجراء انتخابات تشريعيةورئاسية وتشكيل مجلس وطني فلسطيني،

كانت آخر انتخابات رئاسة للسلطة الفلسطينية في عام 2005م، وانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني فيعام 2006م. ولم يحصل أن جرى انتخاب مجلس وطني فلسطيني منذ النشأة في عام 1964م.

 

لقد اتفقت الفصائل الفلسطينية في اتفاقيات المصالحة للأعوام 2011، 2014، 2017 على إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني متزامنة مع انتخابات المجلس التشريعي ورئاسة السلطة الفلسطينية.

 

وأشارت اتفاقات المصالحة إلى أن انتخابات المجلس الوطني تنعقد في كل مكان يسمح بذلك، ومن ثمّ يتم التوافق وطنياً على آلية للتعويض عن المناطق التي لن تجري فيها انتخابات.

 

 لا يُشير المرسوم الرئاسي الأخير إلى انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني بل استخدم عبارة “يستكمل تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني”.

 

اقرأ أيضاً:

 

أثر حركة المقاطعة على الاحتلال الإسرائيلي

اعتبر المرسوم أن انتخابات المجلس التشريعي هي جزء من المجلس الوطني يمثِّل فلسطينيي الضفة وغزة والقدس.

 

 لم يصرِّح المرسوم برفض الانتخابات للمجلس الوطني. تتسع عبارة “تشكيل” لتصورات عدة، منها: إجراء انتخابات.

 

تنفيذ انتخابات المجلس الوطني منوط بقناعة الفصائل الفلسطينية أولاً بأهمية هذه الانتخابات وأهمية تمثيلها للكل الفلسطيني، إذ بدون توفر هذه القناعة لن تسعى الفصائل لإقناع الدول المعنية.

 

وفي هذه الحال لا يمكن تحميل تلك الدول المسئولية عن عدم سماحها بإجراء الانتخابات في أراضيها.

 

لذلك فإن الواجب الوطني يحتم على الفصائل الفلسطينية تأكيد الرغبة بإجراء انتخابات في كل أماكن الوجود الفلسطيني. هذا يتطلب وضع هذه الرغبة موضع التنفيذ عبر آليات محددة ومعلنة يتم الاتفاق عليها.

 

أولى هذه الآليات هي السعي الحثيث لدى جميع الدول للحصول على الموافقة بالسماح للفلسطينيين في أراضيها بالمشاركة في انتخابات المجلس الوطني.

هذا يتطلب تشكيل لجنة وطنية تكون هذه مهمتها. ليس من الجيد تفويض لجنة الانتخابات المركزية بهذا الأمر لأنه خارج صلاحياتها.

تشكيل اللجنة الوطنية يجب أن يأخذ في الاعتبار جميع القوى الفاعلة والمؤثرة على الأرض.

ومن هذه القوى وعلى رأسها حماس وفتح والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وضرورة مشاركة رئاسة المجلس الوطني الحالي نيابة عن منظمة التحرير.

 

مهمة هذه اللجنة: العمل على إقناع السلطات الأردنية واللبنانية ودول الخليج العربي بأهمية وضرورة السماح للفلسطينيين في أراضيها بالمشاركة في الانتخابات ترشُّحاً وترشيحاً.

 

ومهمة اللجنة كذلك: الاتفاق مع هذه الدول على آلية محترمة لتنفيذ العملية الانتخابية بما يحافظ على سيادة هذه الدول ويؤكد احترامها للشعب الفلسطيني وحقه في الانتخاب والتمثيل.

 

يجب على اللجنة الوطنية طمأنة هذه الدول وإزالة مخاوفها، وعلى وجه الخصوص مخاوف الأردن من أن يفقد تمثيله للفلسطينيين الأردنيين، وخشيته من ازدواجية الجنسية التي تعكس ازدواجية الولاء.

يجب على اللجنة الوطنية التوصل إلى توقيع اتفاقية بين منظمة التحرير والحكومة الأردنية تنظِّم الحقوق السياسية لحملة الجنسيتين. هذه الاتفاقية مقدمة لتكوين سجل انتخابي للفلسطينيين في الأردن.

 

إن القول بأن الأردن لن يكون يوماً وطناً بديلاً للفلسطينيين يجب أن ينتقل من مرحلة الشعارات إلى حيِّز التطبيق في الواقع.

 

إن ميدان التطبيق اليوم هو السماح لفلسطينيي الأردن بالمشاركة في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بما يؤكد فلسطينيتهم وأنهم لم ولن يكونوا أردنيين.

إن سماح الأردن بمشاركة الفلسطينيين في الأردن يؤكد أنه لم ولن يكون وطناً بديلاً عن فلسطين.

 

والقول نفسه يُقال بحق لبنان الذي صدَّع رؤوسنا بالحديث عن مخاوفه من توطين الفلسطينيين لديه.

 

فإن كان لبنان حقاً لا يريد توطين الفلسطينيين، فعليه السماح لهم بتأكيد فلسطينيتهم من خلال مشاركتهم في انتخابات المجلس الوطني.

 

أما الفلسطينيون عبر العالم والدول العربية البعيدة، فمن الواجب وضع آليه معتبرة من خلال التوافق الفلسطيني وبالتشاور معهم لكيفية مشاركتهم في الانتخابات، بل وحقهم في الترشُّح لعضوية المجلس الوطني.

 

يجب تحديد دور السفارات الفلسطينية تحت إشراف اللجنة الوطنية في انتخابات الفلسطينيين في أوروبا وأميركا اللاتينية وغيرها.

 

يجب أن نحرص كل الحرص ألا يكون المجلس الوطني تكرار للمجلس التشريعي.

لذلك فإن أهم ما يميز المجلس الوطني أنه سيمثل كل الفلسطينيين أينما كانوا. لا يجب أن يقتصر المجلس الوطني الفلسطيني على فلسطينيي الداخل لأن أكثر من نصف الفلسطينيين يتواجدون خارج فلسطين.

 

 

إن الحديث عن نظام انتخابي قائم على النسبية الكاملة لم يرد في المرسوم الرئاسي الأخير،

وما ينطبق على انتخابات المجلس التشريعي ورئاسة السلطة ليس بالضرورة أن ينطبق على انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

 

بمقدور القوى الفلسطينية أن تتفق على آليات خاصة لاستكمال المجلس الوطني بطريق الانتخاب وبنظام الفردية أو القوائم أو كليهما مراعاة لظروف الخارج المختلفة.

إن أي تقصير من قِبل منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية تجاه إشراك فلسطينيي الخارج في انتخابات المجلس الوطني سيعني:

 

إضعافاً للمجلس القادم وتهميشاً لدوره، وعلى الجميع الحذر من التشكيك في نواياه، لأن الواجب يطلب الجميع.