مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

الضبطية الإدارية والضبطية القضائية ومواجهة كورونا

الضبطية الإدارية

الضبطية الإدارية والضبطية القضائية ومواجهة كورونا

 

بقلم/  أيمن إسماعيل

 

لا شك أن السلطة التنفيذية ترتكز في عملها على الضابطة الإدارية والضابطة القضائية، ومعيار التفريق بين الضابطة الإدارية والضابطة القضائية هو وقوع الجريمة والإضرار بالنظام العام، فإجراءات السلطات المدنية والأمنية لمنع الجريمة والحفاظ على النظام العام يندرج تحت الضبط الإداري، وما تتخذه السلطات من إجراءات لمحاسبة مرتكبي الأفعال الضارة وتقديمهم للعدالة وفقا للأصول يندرج تحت الضبط القضائي.

 

وحيث أن النظام العام (public order) ثلاثي الأبعاد من حيث التكوين: (الأمن العام، الصحة العامة، والسكينة العامة)، وحيث أن معضلة كورونا كوباء يضر بالصحة العامة فإن كافة الإجراءات التي تتخذ للسيطرة عليه والحد من انتشاره يعتبر من قبيل الضبط الإداري الذي تمارسه السلطة التنفيذية، وفي غزة شملت تلك الإجراءات ما قامت به الجهات على مدار ثمانية أشهر من عمليات حجر للمسافرين والبضائع في سبيل منع اختراق الفيروس للمجتمع.
ثم ما تقوم به الآن من إجراءات منع للتجول وحجر للمصابين وفصل للمحافظات والمناطق عن بعضها، بعد اختراق الفيروس للجدار والدخول للمجتمع الغزي، أما ما تقوم به الجهات من ملاحقة للمتفلتين وغير الملتزمين بتعليمات الضبط الإداري واستغلال الظروف لتحقيق الكسب غير المشروع بالاحتكار وعدم الالتزام بأسعار السلع التي تقرها وزارة الاقتصاد، فإنه يندرج تحت الضبط القضائي.

 

لا شك أن إجراءات الضبط الإداري مقيِّدة لحرية المواطنين، لذلك فإنها تتخذ بما يتوافق مع منع الضرر وحماية النظام العام، لا أكثر ولا أقل، وبذلك فإنها تصدر بحق العموم، أما إجراءات الضبط القضائي فإنها تقع على الأشخاص على سبيل الخصوص لا العموم، ممن يتسبب بالإضرار بالنظام بعدم التقيد بالإجراءات، سواء بالفعل أو الامتناع (كالامتناع عن التبليغ عن الإصابات).

 

ما أردت الوصول إليه، أن إجراءات الضبطية الإدارية والضبطية القضائية ومواجهة كورونا عموما تحتاج إلى عدة بنود:

 

1- معرفة الجهات الرسمية المدنية والأمنية حدود صلاحياتها بدقة، واستخدامها دون إفراط أو تفريط لتحقيق الضبط.

 

2- التعاون والثقة المتبادلة بين المواطنين والأجهزة الحكومية، بعيدا عن الانقسام السياسي القائم وتصيّد الأخطاء؛ للخروج من النفق بأقل الخسائر.

 

3- الإجراءات القانونية، وإحالة المخالفين للنيابة والقضاء يحقق الردع أكثر من استخدام عصا الشرطة، وإن كان لابد، ف”التدرج” من قواعد استخدام القوة.

 

4- الإعلام مكون أساسي في عملية الضبط والسيطرة، من حيث التبليغ وتوصيل المعلومات والتعليمات من الجهات للجمهور، ومن حيث إظهار ردعية العقوبات الموقعة على المخالفين للإجراءات المفروضة بهدف تحقيق الردع العام، بخلاف إظهار إنجازات الجهات بهدف تعزيز الثقة بينها وبين الجمهور.

 

5. مكافحة الإشاعة ومروجيها، وهذا يتطلب رقابة أمنية مركزة وفنية متخصصة، خاصة في مجال الأمن الرقمي.