مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

مشكلات اللاجئين الفلسطينين

مشكلات اللاجئين الفلسطينين

مشكلات اللاجئين الفلسطينين

 

بقلم/ د. عصام محمد علي عدوان

 

مقدمة:

 

تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين جوهر القضية الفلسطينية، وإحدى أعقد مسائل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. تمتد هذه القضية منذ عام 1948م وحتى الآن، ولا يوجد في الأفق أية مؤشرات على حلول قريبة أو بعيدة لها.

 

النشأة:

 

نشأت قضية اللاجئين منذ أن قامت العصابات الصهيونية بمهاجمة القرى والمدن الفلسطينية في بدايات عام 1948م وعبر ارتكابها الكثير من المجازر الوحشية؛ تسببت بطرد وتهجير حوالي 960 ألف فلسطيني، يُقدَّرون بثلثي الشعب الفلسطيني آنذاك. وفي 11/12/1948 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الذي دعا في الفقرة 11 منه إلى عودة وتعويض اللاجئين، لكن إسرائيل لم تستجب للقرار، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لإنشاء منظمة دولية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم، هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) التي تأسست بقرار الجمعية العامة رقم 302 بتاريخ 8/12/1949م، والتي كانت مهمتها: تقديم الإغاثة، والتشغيل معاً للاجئين. وقد استمرت في تقديم خدماتها إلى اليوم.

 

تطورات قضية اللاجئين:

 

بينما لم يحدث أي حل ولو جزئي لهؤلاء اللاجئين منذ نشأت قضيتهم، قامت إسرائيل بالإغارة على مناطق فلسطينية في أوائل الخمسينيات تسببت في تشريد وتهجير ما يقرب من 200 ألف لاجئ فلسطيني جديد. وبسبب العدوان الإسرائيلي الواسع عام 1967 واحتلالها بقية أجزاء فلسطين، قامت بطرد وتهجير حوالي 350 ألف فلسطيني، بعضهم تم تهجيره للمرة الثانية. وبعد نكسة حزيران 1967 قامت سلطات دولة الاحتلال الإسرائيلي بطرد مئات الفلسطينيين وإبعادهم، وسحب الهويات من المئات، ومنع تجديد هويات المئات ممن كانوا خارج فلسطين، وأدت هذه الإجراءات إلى حرمان الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم ومن حقوقهم، مما جعلهم إضافات لأعداد اللاجئين الذين لم يجدوا مَن ينصفهم أو يعيد إليهم حقوقهم.

 

مشكلات اللاجئين الفلسطينيين:

 

تعددت وتعقدت المشكلات التي يعانيها اللاجئون، ما بين سياسية، واجتماعية، واقتصادية، وثقافية، وإنسانية، وقد واجهها اللاجئون بكثير من الإصرار على قضيتهم وحقوقهم، على الرغم من انعدام أو هشاشة الحلول المقدَّمة لهم. ونستعرض بإيجاز أهم هذه المشكلات:

 

أولاً: المشكلات السياسية:

 

  • لم تلتزم إسرائيل بالقرارات الدولية المتعلقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين، ولم يلتزم المجتمع الدولي بتطبيقها، ومن أهمها: قرار 194 (1948)، 242 (1967)، 2535 (1969)، 3236 (1974)، 20/31 (1976)، 237 (1967)، 2252 (1967)، 2792 (1971).

 

  • إلى هذه اللحظة لم تعتمد الأمم المتحدة تعريفاً رسمياً محدّداً للاجئ الفلسطيني، وهي الثغرة التي حاولت إسرائيل النفاذ من خلالها لإلغاء صفة اللجوء عن ملايين اللاجئين الفلسطينيين وساعدتها الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك، وخصوصاً في عهد دونالد ترامب. إن من شأن إساءة تعريف مَن هو اللاجئ الفلسطيني أن تضيِّع حقوق ملايين منهم، ولذلك اقترح الكاتب تعريفاً تم اعتماده في المجلس التشريعي الفلسطيني بقرار رقم 1 لعام 2008م، نصّ على: “اللاجئ الفلسطيني هو كل فلسطيني حال ويحول الاحتلال الصهيوني دون تمتعه بحقوق المواطنة في بلدته الأصلية من فلسطين، بغض النظر عن تاريخ حرمانه من هذا الحق أو طريقة حرمانه”.

 

  • لا تتمتع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين (60 مخيماً داخل وخارج فلسطين) ولا المقيمين خارجها من أية حقوق سياسية، كما تمنع لبنان وسوريا والعراق ومصر اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها من التمتع بالحقوق السياسية، كالانتخاب والترشُّح وتكوين الأحزاب. ويقتصر الأردن فقط من بين الدول العربية كافة على منح اللاجئين الجنسية الأردنية وبالتالي الحقوق السياسية كأردنيين لا كفلسطينيين.

 

ثانياً: المشكلات الاجتماعية:

 

  • افتقد اللاجئون إلى وحدة العائلة الممتدة، فتشتتت العائلة الواحدة في أكثر من بلد عربي وغير عربي. واختلطت عادات اللاجئين بمحيطهم الثقافي حيث إقامتهم.

 

  • تزاوج اللاجئون من جنسيات مختلفة، أوجدت مشكلات جديدة، ففي لبنان مثلاً ترفض الدولة منح أولاد اللاجئين المتزوجين من لبنانيات من الجنسية.

 

  • افتقد آلاف اللاجئين في لبنان إلى الأوراق الثبوتية منذ أوائل السبعينيات وبعضهم أوائل الثمانينيات، وبالتالي لا يستطيعوا مغادرة لبنان ولا العمل فيه، ولا يتمكن أبناؤهم من التعليم ولا العمل، وأُطلق عليهم لقب: عديمو الجنسية.

 

  • نتيجة التطورات السياسية في العراق وسوريا ولبنان، اضطرت أعداد ضخمة من اللاجئين الفلسطينيين إلى مغادرة محل إقامتهم الذي اعتادوا عليه لعشرات السنين إلى بلدان بعيدة في العالم، دون رعاية أو اهتمام من أحد. لقد تراجعت أعداد اللاجئين في لبنان من حوالي نصف مليونا إلى حوالي 174 ألفاً فقط.

 

  • بلغ تعداد اللاجئين الفلسطينيين في العالم أكثر من 11 مليون لاجئ، تعترف الأونروا بحوالي 5.6 مليون لاجئ مدرجين في سجلاتها حالياً.

 

  • وفي عام 2017 صادق الرئيس العراقي فؤاد معصوم، على قانون يقضي بتجريد الفلسطينيين اللاجئين في العراق من كل الامتيازات والحقوق التي كانوا يتمتعون بها قبل عام 2003.

تابع في مشكلات اللاجئين الفلسطينين

 

ثالثاً: المشكلات الاقتصادية:

 

  • عانى اللاجئون في أماكن لجوئهم، بما فيها داخل فلسطين، من نسب بطالة غير عادية وتفوق نسب البطالة بين المواطنين أو أبناء البلد المضيف، فقد بلغت النسبة حوالي 65% في قطاع غزة ولبنان، و45% في الضفة الغربية. وازدياد معدلات الفقر في سورية نتيجة التهجير.

 

  • ومع أن مهمة الأونروا هي تشغيل اللاجئين إلا إنها تشغِّل فقط 30 ألف موظف فلسطيني حالياً، بينما كانوا 31 ألف موظف في عام 2010م. ورغم تكاثر اللاجئين، وازدياد حاجاتهم في ظل الظروف الصعبة التي تعرضت لها مناطقهم منذ ذلك التاريخ، إلا أن أعداد الموظفين منهم في الأونروا آخذة في التراجع بسبب سياسات الأونروا المستجيبة لبعض الضغوط الدولية التي تسعى لإنهاء قضية اللاجئين.

 

  • وفي هذا الشهر أصدرت قيادة الأونروا قراراً بدفع نصف رواتب هؤلاء الموظفين وتأجيل النصف الآخر إلى حين توفر الأموال بادعاء الضائقة المالية، فضلاً عن تخلص الأونروا من مئات الموظفين المؤقتين، وتحويل مئات آخرين من موظفين دائمين إلى مؤقتين. حيث تسهم هذه السياسات في زيادة البطالة والفقر بين اللاجئين، وتؤثر على السوق الفلسطينية عموماً حيث تضعف القدرة الشرائية، كما تمثِّل خروجاً من الأونروا على التفويض الممنوح لها بتشغيل اللاجئين.

 

  • يتم حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من أكثر من 40 وظيفة ومهنة حالياً، كانت قبل سنوات أكثر من 70 وظيفة ومهنة، بدعوى عدم تشجيع اللاجئين على البقاء في لبنان.

 

  • كما تعرَّض مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في سورية جراء الصراع الدائر منذ 2011 إلى التهجير داخل سورية وخارجها، ففقدوا مصدر تمويلهم وأعمالهم، وأصبحوا مشردين، وتخلت الأونروا أيضاً عن معظمهم.

تابع في مشكلات اللاجئين الفلسطينين

رابعاً: المشكلات الثقافية والتعليمة:

 

  • تعرَّض اللاجئون الفلسطينيون إلى تعليم غير فلسطيني في أماكن لجوئهم، الأمر الذي من شأنه التأثير على ثقافتهم الوطنية. حتى أن الأونروا تقوم بتدريس المنهاج الدراسي لكل بلد مضيف، ولا تدرِّس المنهاج الفلسطيني إلا في غزة والضفة فقط.

 

  • تحاول الأونروا إدخال مفردات تعليمية في غزة والضفة بهدف تهيئة أبناء اللاجئين للتعايش مع إسرائيل، والتأثير على ثقافتهم المحافِظة من خلال الحديث عن الجندر والمساواة، والقيم الدينية. ورغم رفض اللاجئين وممثليهم لهذه الخطوات لكن الأونروا مستمرة في مشروعها.

 

  • من أصل حوالي 4 مليون طالب في سن مدرسي لدى جموع اللاجئين الفلسطينيين في العالم، تُقدِّم الأونروا تعليماً مدرسياً لحوالي ستمائة ألف لاجئ فقط من خلال حوالي 270 مدرسة فقط، وبالتالي يقع العبء الأكبر في تعليم اللاجئين الفلسطينيين على الدول المضيفة، وعلى اللاجئين أنفسهم.

 

  • بروز مشكلة الأمية في لبنان بنسبة 7.2% من اللاجئين الفلسطينيين، وبلغت نسبة الالتحاق بالتعليم للأفراد (3-13 سنة) حوالي 94%، ونسبة الحاصلين على شهادة جامعية فأعلى حوالي 11%.