التأصيل الإسلامي وفلسفة التربية
بقلم الباحث التربوي/ حسام الدين رفعت حرز الله
التربية هي بناء الانسان فهي الحياة بما فيها من مظاهر وممارسات فعلية، وهي عملية إنسانية في الأصل وطبيعة من طبائع النفس البشرية أساسها قابلية الفرد الفطرية للتكيف، ولما كان الفرد الذي تخرجه المؤسسات التربوية لا يمثل النموذج الأمثل للحياة بسبب غياب فلسفة التربية الموحدة أو تشتتها وعدم وضوح غاياتها وأهدافها كان لا بد هنا أن نسلط الضوء على فلسفة التربية في المجتمع لأن نمو أي أمة نحو التقدم والمجد والحضارة والتميز والاستقرار يعتمد على فلسفة المجتمع في تربيته للأجيال تربية شاملة متوازنة في كافة الجوانب المختلفة والتي من شأنها تهذيب السلوك الإنساني وفق معايير واضحة للمجتمع.
ونحن نرى مجتمعات مختلفة وفلسفات تربوية متعددة كل منها يرى أنه الأفضل والنموذج الأمثل وهناك العديد من المبررات التي تشير إلى هذه التربية من حيث الرقي والتقدم إلا أننا نقول بوضوح ربما هذا المجتمع متقدم علمياً وتكنولوجياً لكنه يعيش حالة من الاضطراب النفسي ويعاني من التمزق الاجتماعي وهذا يعود لأنه مبني على قيم وفلسفة معينة لا تراعي كافة الجوانب المختلفة للإنسان، فكل أمة للأسف تربي مواطنيها على تحقيق مصالحها المادية وأهدافها الخاصة لذا فإننا نشير إلى ضرورة توحيد فلسفة التربية في المجتمع على نمط أصيل ألا وهو التربية الإسلامية التي تبني الإنسان بناءً متكاملاً ليكون مؤهل لخلافة الحياة وإعمارها بكل مكوناتها.
تابع في التأصيل الإسلامي وفلسفة التربية
لذا نرى أنه في السنوات الأخيرة برزت جهود مخلصة في مجال تأصيل العلوم الاجتماعية بهدف اعادتها وبلورتها إلى أصولها الإسلامية للمحافظة على هويتها الإسلامية وإلغاء التبعية الغربية لأن قضية التأصيل تستهدف إعادة تشكيل العقل المسلم من خلال مجموعة المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها النسق المعرفي الإسلامي فالمفاهيم تشكل في حد ذاتها جانباً منهجياً يجب التأكيد عليه من خلال إبراز المفهوم وفق مقتضياته وشرائطه المبنية على ما جاء في الكتاب والسنة ولا يمكن أن نتحدث عن علم تربوي إسلامي أو التأصيل الإسلامي للعلوم ما لم نقم ببناء المفاهيم التربوية وفقاً لمنهج الإسلام حتى تعطي أكلها ونحصل على الانسان والمجتمع الإسلامي الفريد الذي يحقق قوله تعالى: ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُون”.
كما أن التربية الإسلامية تعني كل عمليات النمو التي يمر بها الإنسان من طفولته وحتى وفاته وهذا شأن التربية الإسلامية التي تسعى إلى النمو الشامل المتكامل المتوازن في كل الجوانب عقلياً بالمعرفة وجسدياً بالرياضة ونفسياً بالإيمان فالتربية هي المسئولة عن نقل التراث من جيل إلى جيل وتجديد هذا التراث كما أن التربية الإسلامية جامعة إذ تغرس القيم التي تجمي الإنسان من أي اضطراب أو تمزق وهي واضحة في غاياتها وأهدافها إذ تسعى لتكوين الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم ولهذا يتوجب على التربويين تأصيل الغايات والأهداف التربوية حتى لا ينشأ جيل يعاني من حلقات التمزق والتشدد والاضطراب النفسي والعقلي في غياب فلسفة التربية الإسلامية لذا نلخص هدفنا من النداء وبقوة لكل المسئولين في كل مواقعهم بضرورة توحيد الفلسفة التربوية وخاصة على نمط التربية الإسلامية وذلك للأسباب التالية:
-
لأن التربية الإسلامية تستمد من مصدر ثابت لا يتغير ولا يتبدل
-
التربية الإسلامية مصدر مستقل فلا يتدخل فيه بشر
-
التربية الإسلامية تستمد من مصدر يتصف بالعموم في مخاطبة المكلفين في إطار تكريس المساواة في التكليف
-
التربية الإسلامية شاملة وضابطة وتتميز بالإصالة والخصوصية
-
التربية الإسلامية تراعي تركيبة الفرد الجسدية والنفسية الاجتماعية
-
التربية الإسلامية لا تراعي جانب على حساب جانب بل توازن بين كل المكونات.