مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

بيروتُ خيمتُنا، وشمعتُنا، ودمعتُنا … خَرقٌ ، وإحراقٌ، وإغراقٌ للسَفيِنة

بيروتُ خيمتُنا , جمال ابو نحل

كَتب – جمال أبو نحل

بين فلسطين، ولُبنان حكايةُ حُب، وعشقٍ،  ودموعٌ، وشمُوعٌ، وأحزانٌ، وأفراح معُطرةٍ بِرحيق عبق الشهُداء؛ وهي  عبر التاريخ  مرت بمراحِل رحلةٍ طويلة، ومريرة، فبيروت التي مَرت على المُرْ فحَلتهُ، وعلى الَضنَكْ فَجَملتهُ؛ واستمرت معطاءة للجميع تعيش ما بين حُبٍ، وحربٍ، ومَدٍ، وجَزِّرٍ؛ حتى ارتوت أرضُ لُبنان، وتَخُضبت بالدماء، فامتزج الدم الفلسطيني بِالدم اللبناني، ليكونوا معاً كالروح، والجسد، مُنتجين سيمفونية عَاطرة، فيها مدً، ولحنٌ، ومدادُ من الوردٍ، والودِ، والودادِ، والمُصاهرة، والمُعاشرة، والنسب، والمصير الواحدِ المُشترك في الصمود، والعنفوان، والتحدي، والمقاومة، وكانوا مثالاً يُحَتَذي بهِ في تحدي عصابة الاحتلال الصهُيوني، ولقد صمدت عاصمة الحُب، والسحِرِ، والجمال، وصمد بلدُ الأَرزِ في وجه الغاصبين المجُرمين خلال اجتياح “الليطاني”، وفي اجتياح بيروت عام 1982م.

وصمد معها الشعبُ اللبناني، والفدائيين الفلسطينيين الأبطال، وسطروا أروع ملاحم البطولة، والفداء، والتضحية في  وجه أعتى، وأشرس ترسانة عسكرية مُجرمة في الشرق الأوسط؛ لأن  الاحتلال يعلَم مدى الأهمية الإستراتيجية الكبيرة للسيطرة علي لبنان، خاصةً العاصمة بيروت، لذلك سعي العدو من قبل، ولا يزال يسعي من بعد، ويعمل جاهداً  للسيطرة عليها بكافة الوسائل والطرق، وفي أن تكون له الذراع الطولي  فيها؛ ويأتي الانفجار الدامي الإجرامي في بيروت في ظروفٍ قاهرة، وصعبة للغاية، فَلُبَنان مَزقتهُ الخلافات، والمؤامرات، وعُدوان الأعداء، والفتنة الطائفية، وأفجعهُ، وأوجعهُ المذهبية المقيتة، والخلافات الحزبية.

كما  عانت لبنان الجريحة  من السلب والنهب من قبِل بعض اللصوص الكبار من سارقي أموال الشعب اللبُناني،!؛ وكما أفجع، وأوجع ودَمَرْ  لبنان التدخلات الخارجية والتي كانت تأتي من كُل حَدَبٍ، وصوب، وغُذى ذلك الفساد، ونماهُ، ودعمهُ الاحتلال الصهيوني الذي زرع  في لبنان  بعض الخونة، والمأجورين من بعض الأشخاص، والطوائف المُتصهينة، والتي تعمل جهاراً،  ونهاراً  بكل قُبحٍ، ووقاحة، كعُملاءً مع الاحتلال!

ويتغنوا بحُب الوطن وبالوطنية، وأمرُهم بات مكشوفاً وواضحاً؛؛ علماً بأن  جرائم عصابة الاحتلال، والعملاء  لن تسقُط  بالتقادم الزمني، ونحنُ  لن، ولم ننسي المجازر العدو؛ من مجزرة عيون قارا، إلى قصف ملجأ الأطفال في قانا؛ والذين تم قصفهم بطائرات الاحتلال  الإسرائيلي!؛ ولن ينسي أحد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بمساعدة، ومساهمة مُباشرة من أولئك العُملاء!

وإن ما جرى مؤخراً من الانفجار العظيم كالزلزال في مرفأ بيروت، والذي كان له وقع الصاعقة علي الأمُتين العربية، والإسلامية؛ وإن لُبنان ما بعده ليس كما قبلهِ!؛ ونري  فوراً  تدخل الرئيس الفرنسي ماكرون وزيارته السريعة للبنان بعد الانفجار، وهي لم تأتي مصادفةً؛ بل لوضع شروط، واملاءات جديدة للعُبة، وكلها تخدم مصالح الاحتلال، والغرب؛  وسوف تجر لتدخل مُباشر من حلف الناتو، بحجة فرض الأمن، وتأخذ بذلك الضوء الأخضر،  وتفويضاً من مجلس الأمن الدولي، ومن المُحتمل أن يتم إرسال، ونشر قوات “دولية كاليونفيل”، بشكل موسع،  مع إعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح، ومن ثم تجريد الأحزاب المسلحة من السلاح الخ؛؛

ولذلك فإن ما حدث  ليس وليد الصدفة، وخاصة أن رئيس أركان القوات الأمريكية زار قبل أقل من شهر  فلسطين المحتلة، واجتمع بقائد أركان عصابة الاحتلال، (اجتماع الشياطين الأشرار)؛ وسبق ذلك الحصار السياسي والاقتصادي الأمريكي للبنان، ومع انتهاك متواصل من الطيران الحربي لكيان الاحتلال، وخرق الأجواء اللبنانية، وتهديد زعيم عصابة الاحتلال الصهيوني نتنياهو، وتصريحات الرئيس  الأمريكي  ترمب عقب الانفجار مباشرةً ، “بأن التفجير من فعل فاعل”، ومن ثم سحبت التصريحات من وسائل الإعلام؛ وتزامن الانفجار مع وجود المُدمرة حاملة الطائرات الأمريكية في بحر اليونان، وهي منطقة ليست بعيدة عن مكان الانفجار؛ وإن بيروت الجريحة الجميلة بثقافتها، وناسها، وبِجمالها، وعنفوانها، وتضحياتها، تغرق، اليوم، وتُحرق في محاولة من الأعداء لإغراق السفينة العربية بركُابها!؛ والسؤال المهُم لمصلحة من يتم الاحتفاظ  ب: ” 2700″ طُن من نترات الأمنيوم المتفجرة منذ عام 2014م في المرفأ ببيروت؟   ولذلك نقول إن الكارثة، والزلزال الذي حصل يضع المسؤولية الكبرى على كاهل الجميع، وخاصة التدخلات من الاحتلال، ومن إيران، والأمريكان، وفرنسا، وبعض الغرب والعرب الخ..؛ وكل ذلك يخرق السفينة العربية، ويحرقها، ويغرقها، والضحية هو الشعب اللبناني، والفلسطيني، والقضية الفلسطينية؛ والأمة العربية والإسلامية والرابح هو الاحتلال والغرب؛ وطالما أننا متفرقون فلن تقوم للعرب والمسلمين قائمة، وهُم  أحزاب متُناحرة، ومتصارعة وبعيدين عن سماحة الدين، وطالما أن كُل حزبٍ بما لديِهم فَرحُون؛ فإن غرقت، وأحرقت السفينة العربية فالكل سَيحُرق، وسيغرق، الرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للجرحى، وستبقي بيروت خَيمَتُنا، وشمعتُنا