القدس عربية

القدس عربية إسلامية: حقيقة تاريخية وتحديات الاحتلال

مقدمة: القدس بين التاريخ والدين

القدس، المدينة المقدسة التي تعتبر قلب العالم الإسلامي والعربي، تمثل رمزًا للتاريخ والهوية الدينية والثقافية. عبر التاريخ، كانت القدس محور اهتمام الشعوب والحضارات، وشهدت صراعات لا حصر لها بسبب مكانتها الاستثنائية. ومع ذلك، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا: هل حقًا تملك إسرائيل أي أساس تاريخي أو ديني يثبت أحقيتها في المدينة المقدسة؟


الحقيقة التاريخية: القدس بلا دليل يهودي

الحفريات التاريخية تفند الادعاءات الإسرائيلية

على مدار أكثر من قرن من الزمن، أجرت إسرائيل عمليات حفريات مكثفة في القدس بهدف العثور على أدلة تاريخية تثبت ارتباطهم بالمدينة. ومع ذلك، لم تسفر تلك الحفريات عن أي دليل ذي قيمة يُثبت وجودًا يهوديًا قديمًا ذا أهمية دينية أو تاريخية. حتى علماء الآثار الإسرائيليون أنفسهم أكدوا عجزهم عن العثور على آثار تدعم الرواية الإسرائيلية.

حائط البراق: ملكية إسلامية خالصة

في عام 1930، أجرت عصبة الأمم تحقيقًا دوليًا بناءً على طلب لجنة بريطانية (لجنة والتر شو) حول ملكية حائط البراق، الذي يدعي اليهود أنه “حائط المبكى”. خلصت اللجنة إلى أن:

  • الحائط الغربي، المعروف بالبراق، هو ملكية إسلامية خالصة.
  • الرصيف والمناطق المحيطة بالحائط هي أوقاف إسلامية، وهي جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف.

هذا التقرير المحفوظ في مجلس الأمن الدولي حتى اليوم يؤكد أن الادعاءات اليهودية حول قدسية الحائط لا أساس لها من الصحة.


سياسات الاحتلال: تهويد القدس وتغيير هويتها

مصادرة الأراضي وهدم المنازل

تعمل إسرائيل منذ عقود على تنفيذ خطة ممنهجة لتهويد القدس، تتمثل في:

  1. مصادرة أراضي الفلسطينيين: بهدف تقليص الوجود العربي في المدينة.
  2. طرد السكان وسحب الهويات: لمنعهم من العودة أو الاستقرار.
  3. هدم المنازل: لإفساح المجال للمستوطنات اليهودية.

تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا

أحد أخطر مخططات الاحتلال هو محاولة تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود زمانيًا ومكانيًا، بهدف تقليص الحضور الإسلامي في أقدس أماكنهم.


القانون الدولي: القدس أرض محتلة

قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة

أصدرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي العديد من القرارات التي تؤكد أن:

  • القدس هي أرض محتلة، وأي إجراءات إسرائيلية لتغيير وضعها القانوني باطلة.
  • جميع الحفريات الإسرائيلية حول المسجد الأقصى تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية.

أبرز هذه القرارات:

  1. قرار مجلس الأمن 252 (1968): أكد بطلان جميع الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير وضع القدس.
  2. قرار الجمعية العامة 36/15 (1981): دعا إلى وقف الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى.
  3. قرار الجمعية العامة 36/226 (1981): شدد على أن ضم القدس لإسرائيل وإعلانها عاصمة أبدية هو إجراء غير قانوني.

التحديات الحالية: الحفريات والتهويد

الحفريات الإسرائيلية تهدد الأقصى

أعمال الحفر تحت المسجد الأقصى تهدد أساساته، مما يجعله عرضة لخطر الانهيار. هذه المحاولات تهدف إلى تغيير المعالم الإسلامية للمدينة، وخلق رواية تاريخية مزيفة تخدم الأجندة الصهيونية.

التغيير الديموغرافي والطابع الثقافي

تعمل إسرائيل على تغيير التركيبة السكانية للقدس من خلال بناء مستوطنات جديدة وتوسيع القديمة. هذه الإجراءات تهدف إلى جعل الفلسطينيين أقلية في مدينتهم، مما يسهل السيطرة الكاملة على القدس.


الدفاع عن القدس: دور الفلسطينيين والعرب والمسلمين

القرارات الدولية: كافية لكنها تحتاج إلى تفعيل

على الرغم من كثرة القرارات الدولية التي تؤكد الحق العربي والإسلامي في القدس، إلا أن تفعيل هذه القرارات يواجه عراقيل بسبب تقاعس المجتمع الدولي وخضوعه للضغوط الإسرائيلية.

دور منظمة التحرير الفلسطينية

منظمة التحرير الفلسطينية، كجهة تمثل الشعب الفلسطيني، مطالبة بتكثيف جهودها للدفاع عن القدس وتوحيد الصف الفلسطيني. يجب عليها التركيز على القضايا المصيرية بدلًا من الانشغال بقضايا ثانوية تخدم مصالح محدودة.

المقاومة الشعبية والدولية

يتطلب الدفاع عن القدس تفعيل المقاومة الشعبية في الداخل، إلى جانب تحفيز الجاليات العربية والإسلامية حول العالم لرفع صوتهم في المحافل الدولية.


الخاتمة: القدس رمز للعروبة والإسلام

القدس ليست مجرد مدينة عادية، بل هي رمز للهوية العربية والإسلامية. الحق فيها واضح وضوح الشمس، ولا يحتاج إلى إثبات إضافي.
ومع ذلك، تبقى المسؤولية على عاتق الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم، للوقوف في وجه محاولات الاحتلال لطمس الهوية العربية والإسلامية للمدينة.

علينا أن نتذكر دائمًا أن الدفاع عن القدس هو دفاع عن الحق، والعدالة، والإنسانية.