هل يُشارك المَهْديُّ في تحرير فلسطين؟
—————————
بقلم / د. نصر فحجان – غزة
الجديرُ بالذكر هنا أنَّ المَهْديَّ عليه السلام لا علاقة له بتحرير فلسطين من اليهود، وأنّ الأحاديث التي يُذكَر فيها قتال المسلمين مع اليهود لا يُذكَر فيها المهدي مطلقًا، وإلى هذا ذهب الشيخ الألباني في (سلسلة الهدى والنور)، وهو أنَّ فلسطين سيتمّ تحريرها من اليهود قبل خروج المهدي بإذن الله تعالى.
وهو نفسه ما أستنبِطُه من الحديث الصحيح: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا ابْنَ حَوَالَةَ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ».
فالخلافة إذنْ ستكون في بيت المقدس قبل حدوث أيٍّ من أشراط الساعة الكبرى، والأمور العظام، والتي منها خروج المهديِّ، وستكون الخلافة في بيت المقدس علامةً على دُنُوِّ أشراط الساعة.
يقول الشيخ أحمد بن محمد رزوق: (ومن العلامات التي تحدث قبل خروج المهديِّ: تحرير فلسطين وتهيئتها كي تكون أرض الخلافة القادمة بمشيئة الله تعالى، وهذا يكون قبل المهديِّ، وليس كما يظنُّ بعض النَّاس أنَّ الذي سيُحرِّر فلسطين هو المهديِّ).
وممَّا يؤكِّد هذا ما جاء في الحديث الصحيح، عن أمِّ سلمة رضي الله عنها، عن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (يكون اختلافٌ عند موت خليفة، فيخرج رجلٌ من أهل المدينة، هاربًا إلى مكة، فيُخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويُبعث إليه بعثٌ من الشام، فيُخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة…).
فظهور المهديِّ عليه السلام سيكون بعد موت خليفة، ومعلومٌ أنَّ مصطلح (خليفة) إنَّما يُطلق على من تكون بيده الخلافة على المسلمين، وقول النبي عليه السلام: (فيبايعونه بين الركن والمقام) أيْ يبايعونه بيعةً كُبرى ليكون هو الخليفة عليهم بعد الخليفة الذي مات.
يقول الأستاذ بسَّام جرَّار: (ويظُنُّ البعض أنَّ نهاية الدولة الإسرائيلية تعني اقتراب اليوم الآخر، وهذا غير صحيح، ولا أصل له، أما قول الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود…، فقد ذهب بعض العلماء إلى القول: إنَّ المقصود بأنَّ الأمر لا بد أنْ يحصل، وليس المقصود أنَّ قتالهم من علامات يوم القيامة).
تابع في هل يُشارك المَهْديُّ في تحرير فلسطين؟
(إنَّ بعض المسلمين يردِّد مقولةً ينطوي باطنُها على سلبية قائليها، وحبِّهم للقعود، ذلك أنَّهم يقولون: إنَّنا لن ننتصر على اليهود إلا في زمن ظهور المهديّ، وخروج الدجَّال، ونزول عيسى عليه السلام، وهذا القول رغم أنَّه رجْمٌ بالغيب، وتعطيلٌ للشرع، فإنَّ هناك من النصوص ما يدل على خلافه، ويثبت أنَّ قتالًا سيخوضه المسلمون مع اليهود، وينتصرون عليهم فيه قبل ظهور المهديّ، وقبل زمن الدجَّال).
وقد لفت الباحثان: د. نسيم ياسين، ود. سعد عاشور الانتباه إلى خطأ من يقول بأنَّ (إسرائيل) ستظلّ قائمةً حتى نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وقد حشدا الأدلَّة النَّقلية والعقلية التي تبرهن على زوال (إسرائيل) قبل ظهور المهديِّ بإذن الله.
وجاء في بحثهما: (إنّ كثيرًا من المسلمين يُخطِئُون _ في رأينا _ في فهم النصوص، فيظُنُّون أنّ دولة اليهود مستمرةٌ حتى قُبَيل الساعة إلى أنْ ينزل المسيح عليه السلام، وهذا خطأٌ وَوَهْمٌ، فالنصوص تذكر أنَّه عند نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام تكون القدس عاصمة الخلافة الإسلامية).