مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

العودة إلى الأصل

العودة-إلى-الأصل

العودة إلى الأصل

عزام توفيق أبو السعود

 

في ليلة ميلاد السيد المسيح، وقبل منتصف الليل ، ولكي لا نستمر في ندب حظنا، ورثاء ما آل اليه حالنا .. لا بد لنا من رؤيا جديدة، وتفكير أكثر عمقا، وأبعد في طول النظر… رؤيا تخرجنا من المتاهة التي نحن فيها.. متاهة أوصلتنا الى وضع سياسي مظلم، والى عجز تام عن الحركة، والى ربط مصيرنا بأوامر أو تعليمات تأتينا من خارج أنفسنا، أو تفرض علينا فرضا …
في ليلة الميلاد لا بد أن نبحث لأنفسنا عن ميلاد جديد.. وعن طريق جديد يبدأ .. لا من حيث انتهينا … ولكن من حيث يجب أن تكون البداية … حتى ولو كانت الخطوة متأخرة … لكنها ستكون بالطبع أفضل من البقاء في الدهليز المظلم الذي دخلناه بأقدامنا ..

 

 

البداية بالطبع لن تكون بإعادة الدعوة الى إجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية كما يطالب معظم أبناء الضفة والقطاع، ولكن البداية يجب أن تكون من الأصل .. الأصل الذي تعلقنا به لنناضل من أجل استعادة حقوقنا المسلوبة .. والأصل هو بالطبع منظمة التحرير الفلسطينية، وليست السلطة الفلسطينية التي اعتبرناها ذراعا لمنظمة التحرير وليست بديلا عنها ..

 

تابع في مقال العودة إلى الأصل

منظمة التحرير الفلسطينية أنشأها العرب بقرار من قمتهم عام 1964، وكلف أحمد الشقيري آنذاك بتشكيلها وتشكيل مؤسساتها.. وبدأ ذلك بتشكيل مجلس وطني فلسطيني .. تم إختيار أعضائه في ذلك الوقت إختيارا وليس عن طريق الانتخابات…

 

وتعرض إختيار الأعضاء الأول من هذا المجلس لتقديرات شخصية ، ومحاولة لأن يضم في عضويته شخصيات فلسطينية بعضها يمثل أحزابا قومية أو دينية، وبعضها لممثلين عن الفلسطينيين في الاردن بضفتيه آنذاك، ومن قطاع غزة وبعض من الشخصيات الفلسطينية المقيمة في لبنان أو مصر أو الكويت أو السعودية وغيرها من دول العالم… وعبر الزمن ..
توفي معظم من تم اختيارهم في المجلس الأول، وكان يتم اختيار أشخاص آخرين بدلا منهم بالتعيين دوما …. والتعيين دوما يخضع لاعتبارات خاصة، لم يتم أبدا أن يكون الانتخاب الشعبي هو وسيلة الوصول الى عضوية المجلس الوطني .. وإنما كان مبدأ التمثيل لأشخاص تختارهم تنظيماتهم، أو يمكن تسميتهم مستقلين .. لكن الشعب الفلسطيني على الدوام لم يمارس حقة في أن ينتخب أعضاء المجلس الوطني .. وهو قمة التمثيل الفلسطيني..

 

 

والمجلس الوطني هو في الحقيقة برلمان الفلسطينيين أينما كانوا .. وينبثق عنه مجلس مركزي ولجنة تنفيذية لها رئيس تتولى تسيير أمور منظمة التحرير ومؤسساتها.
وعليه .. فإننا حين نفكر بإصلاح حالنا الذي تردى .. لا بد لنا من نقطة للبداية.. نقطة تبدأ من منظمة التحرير، وجعل منظمة التحرير تسير في طريق ديمقراطي أساسه الانتخابات، إنتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني .. ليكون فعلا ممثلا للفلسطينيين أينما كانوا .. انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل الكل الفلسطيني أينما كان .. في الضفة والقطاع والداخل ، في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا والاردن .. وفي فلسطيني الشتات والإغتراب .. وليس للمجلس التشريعي الذي يمثل فقط سكان الضفة والقطاع الذين يشكلون ثلث الفلسطينيين فقط !

 

 

أجل .. في ليلة الميلاد .. هذه الليلة الروحانية .. يجب أن نفكر بإجراء انتخابات يمارس فيها الكل الفلسطيني أينما كان حقه في اختيار ممثليه، وحقه في اختيار زعاماته .. وذلك من خلال انتخابات شاملة للمجلس الوطني الفلسطين يمارس فيها جميع الفلسطينيون أينما كانوا .. حقهم في اختيار ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني!!

 

 

والسؤال المطروح… كيف يمكن ذلك ؟.. هو أمر صعب جدا .. لكن تكنولوجيا العصر قد أوجدت الحل … انتخابات عبر التصويت الألكتروني .. نعم عبر التصويت الألكتروني .. ولدينا من العقول الفلسطينية والعربية من يمكنهم أن يحلوا كل المشاكل ويتخطوا جميع العقبات المتعلقة بالتصويت الألكتروني …

 

 

والسؤال الثاني المطروح : هل تستطيع لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية أن تقوم بمهمة تنفيذ الانتخابات للفلسطينيين أينما كانوا ؟ .. بالطبع الفلسطينيون يتواجدون ربما في 140 دولة في العالم أو أكثر .. وهل نظام لجنة الإنتخابات لا يسمح لها بالتحرك خارج نطاق مناطق السلطة ؟ وهل نحتاج الى تعديل على نظامها الاساسي بحيث يمكنها الاشراف على هذه الانتخابات؟ وهل ستعترض الفصائل ورجال السلطة على ذلك؟ أم أنهم فعلا يريدون الإصلاح .. الإصلاح من الأصل والقمة أولا .. حتى يستمر الاصلاح بعد ذلك تنازليا …

 

 

هذه دعوة للتفكير الجدي ، ولنقاش جدي ، ولمبادرة يجب أن يتبناها جيل شباب فلسطين .. ليتخلصوا أولا منا .. نحن الكهول .. وليقودوا هم من حيث يجب أن يبدأوا .. لا من حيث انتهينا نحن الذين عفا علينا الزمن وأصبنا بالجمود والعجز.. فهل من مجيب؟!

 

 

كل عام والجميع بخير ،
مع التمنيات بعام جديد نعيد فيه الأمل لجيل جديد أفضل من جيلنا!!!