مصير روبرت ماكسويل … أخطر عملاء الموساد
بقلم/ أحمد المدلل
يُعتبر الموساد من أهم الادوات الاستراتيجية لمواجهة تحديات الأمن القومى الصهيونى بمختلف أشكالها …
وما يتفق عليه القادة الصهاينة جميعاً أن أجهزة جمع المعلومات هى التى أدت الى قيام دولة الكيان الصهيونى ولها الفضل الأكبر فى تحقيق أهداف اسرائيل …
منذ ما قبل قيام الدولة والعدو الصهيونى يعتمد اعتمادا كليا على العملاء الذين جندهم داخل فلسطين وخارج فلسطين …
ولم تتوقف مساعى قادة جهاز الموساد الاسرائيلى عن تجنيد العملاء الذين ينتشرون كالأخطبوط فى كل أرجاء العالم …
يتجسسون على دول تربطها مع إسرائيل علاقات دبلوماسية أو حتى حلفاء لها مثل أمريكا وأوروبا ، وعلى دول ليس لها علاقات مع اسرائيل كما يتم تجنيد عملاء فى دول لا تعترف بدولة الاحتلال ودول فى حالة عداء دائم معها …
وتُجنّد دولة الكيان أيضا جواسيس لها وسط جماعات سياسية ودينية وثقافيةواقتصادية و اعلامية و نقابية,واذا كان المال هو القوة الاولى التى اعتمد عليها اليهود للسيطرة على العالم فإن الصحافة بالنسبة إليهم تُعتبر القوة الثانية وكما قال الكاتب الفرنسى ” جاك آتالى” فى كتابه ( اليهود والعالم والمال) : إن تجربة اليهود فى الشتات لقنتهم درساًيتوارثونه جيلاً بعد جيل مفاده أن إحكام السيطرة على العالم يتأتى من جانبين : الأول هو امتلاك المال .
والثاني هو امتلاك الآلة الإعلامية . ويعتبران من أهم الأدوات لتجنيد الجواسيس, كما برز من بين اليهود أسماء كبيرة فى مجال المال والإعلام توسعوا وانتشروا وتضخموا حتى أصبح يُطلق عليهم ( أصحاب امبراطوريات) وعلى رأسهم روبرت ماكسويل الجاسوس الأخطر فى تاريخ إسرائيل …
تابع في مصير روبرت ماكسويل … أخطر عملاء الموساد
وخطورة الدور الذى لعبه أنه ظهر فى النصف الثانى من القرن العشرين وهى تقريبا الفترة التى صاحبت نشأة دولة الكيان الصهيونى على الارض …
استطاع ماكسويل ان يحشّد قوى غربية عديدة من اجل دولة الاحتلال الصهيونى التى يقدمها عبر ما يمتلكه من وسائل إعلام كبيرة ومتعددة على أنها واحة الديمقراطية وسط صحراء الشرق الاوسط الواسعة … وتستحق كل الدعم والاسناد …
وأن أعمال المقاومة ضدها إرهاب وأن احتلال أراضى الغير بالقوة من أجل ضمان الأمن وسط أعداء يحيطون باسرائيل من كل جانب ويصدرون إليها الارهاب …
روبرت ماكسويل يهودى صهيونى يحمل الجنسية البريطانية , إسمه الحقيقى يان لودفيج هوخ ,الابن الثانى لأسرة يهودية عاشت تحت خط الفقر فى جمهورية تشيكوسلوفاكيا فى إحدى القرى النائية, عاش طفولة صعبة امتزج فيها الفقر بالاضطهاد الذى تعرضت له أسرته مثل معظم الأسر اليهودية التى عاشت فى أوروبا سنوات ما قبل الحرب العالمية الثانية …
يُقال أن علاقة ماكسويل بالموساد بدأت قبل إنشاء دولة اسرائيل , حيث اتصل به مجموعة من المؤسسين الأوائل لاسرائيل وطلبوا منه أن يتعاون معهم , استقر ماكسويل فى بريطانيا واستطاع خلال سنوات قليلة أن يؤسس إمبراطورية إعلامية واسعة غطت معظم قارات العالم وحقق أحلامه فى الثراء والشهرة والترف …
امتلك شركات ووسائل اعلامية عديدة منها شركة برجامون برس , وامتلك حصصاُ متفاوتة في عدد كبير من الصحف.
امتلك مجموعة ميرور نيوز: والتى تنشر عدداً من الصحف البريطانية المهمة ( صحيفة ديلى ميرور ، صحيفة صنداى ميرور، صحيفة ذى اندبندت اليومية تصدر فى بريطانيا، صحيفة ديلى نيوزالصادرة في نيويورك ) .
-صحيفة ماجيار هيرلاب اليومية (المجر).
-أصدر في عام 1986 صحيفة الصين اليومية تشاينا ديلي التي كانت تَصدُر بالإنجليزية في بكين ولندن، إلا أنه تَوقَّف عن نشرها بعد أحداث الصين تيانان مين عام 1989.
-أصدر عام 1988 الصحيفة الأوربية الأسبوعية ذى يوروبيان .
واشترى في عام 1989 دارين للنشر في الولايات المتحدة هما: دار ماكميلان التي كانت ثاني أكبر دار نشر أمريكية، والدار التي تَنشُر الدليل الرسمي لشركات الطيران ..
امتلك، منذ عام 1981، شركة للاتصالات هي ماكسويل كوميونيكيشن كوربوريشن …
كما أنه امتلك ثلث أسهم صحيفة معاريف الإسرائيلية التي تحتل المرتبة الثانية بين الصحف الإسرائيلية من ناحية التوزيع.– امتلك خمسين في المائة من حصص دار كيتر للنشر، وهي الشركة التي تُصدر الموسوعة اليهودية (جودايكا).
– امتلك حصص في شركة سايتكس الاسرائيلية وهي من الشركات الرائدة في مجال الرسوم البيانية بالكمبيوتر والطباعة بالألوان، وكذلك شركة تيفا فارماسوتيكال للمنتجات الطبية.
تابع في مصير روبرت ماكسويل … أخطر عملاء الموساد
– وأصبح ماكسويل رئيس شركة سندات إسرائيل في بريطانيا عام 1988.
وصلت ثروته الى أكثر من ٧ مليار دولار وقد جمعها فى وقت قصير … عاش حياة الملوك ( قصر ويخت وطائرة خاصة ) , وقد وظّف كل ما يملك من أجل خدمة دولة الكيان , وكان متطرفا فى آراءه الصهيونية ومن دعاة إبعاد الفلسطينيين الى الاردن الترانسفير…
كما كانت ميوله السياسية أكثر الى حزب الليكود اليمينى ,بدأت علاقة ماكسويل بعالم المخابرات والجاسوسية قبل ان تبدأ علاقته بعالم الصحافة والإعلام ، ثم استمرت حتى آخر لحظة فى حياته ,وقد بلغت علاقة ماكسويل بالموساد ذروتها فترة الثمانينات من القرن الماضى , قال عنه اسحاق شامير ” إن ما قدمه ماكسويل لاسرائيل يفوق ما قدمه أى إنسان آخر على وجه الأرض ”.
ومن أهم وأعقد الخدمات التى قدمها : – تسويق برنامج يُسمى “بروميس” التى حصلت عليه اسرائيل من شركة أنسلو الامريكية التى أنتجته وطورّت عليه بزرع شريحة متناهية الصغر فى البرنامج ويستطيع ضابط الموساد اقتفاء أثر أى معلومات والتصنت على أى مكان فى العالم وهو جالس على مكتبه فى تل أبيب .
وتولى ماكسويل بخبراته التجارية وعلاقاته العالمية المتشعبة تسويقه …
بدأ بالاتحاد السوفيتى ودول اوروبا الشرقية لما تربطه من صلات قوية بحكومات هذه الدول ودوائر صنع القرار فيها , خاصة الاتحاد السوفيتى الذى امتدت علاقات ماكسويل فيه من دور الجامعات والمراكز البحثية إلى قلب الكرملين مرورا برئيس جهاز المخابرات السوفيتية ” كى جى بى” وصولا الى الرجل الاول فى الدولة سكرتير عام الحزب الشيوعى السوفييتى أندربوف ثم تشريننكو ثم جورباتشوف (آخر ثلاث زعماء للإتحاد السوفيتى) …
تابع أيضاً في مصير روبرت ماكسويل … أخطر عملاء الموساد
ما قام به ماكسويل نبّه اسرائيل الى ظهور بوادر قرب إنهيار الاتحاد السوفيتى فى الوقت الذى كانت المخابرات المركزية الامريكية السي آى إيه تقدم تقارير مغلوطة للرئيس الأمريكى رونالد ريغان حينها تؤكد فيها قوة الاقتصاد السوفييتى وقدرته على تمويل برامج التسلح لفترة طويلة وصموده ونموه بمعدلات تفوق معدلات نمو الاقتصاد الأمريكى …
– ثم انتقل ماكسويل فى تسويق برنامج بروميس المطوّر الى أفريقيا وكان اول من اشتراه رئيس زيمبابوى روبرت موجابى ,ثم حكومة جنوب أفريقيا زمن الفصل العنصرى والتى بواسطته ساعدت اسرائيل حكومة جنوب أفريقيا العنصرية حينها على إحباط عدد من المؤامرات كان يخطط للقيام بها عمال المناجم , ثم سافر ماكسويل الى جواتيمالا حيث باعه هناك …
واستطاع الموساد اختراق النظام المصرفى فى سويسرا حيث نجح ماكسويل فى بيع برنامج موريس الى بنك ” كريديه سويس” واستطاع الموساد بذلك معرفة عدد عملاء المخابرات الامريكية وقيادات المافيا وكل المعلومات السريةالخاصة بحساباتهم …
كما أن اجهزة مخابرات عديدة فى أوروبا وامريكا اللاتينية مثل تشيلى وبلغاريا والارجنتين قامت بشراء برنامج بروميس من ماكسويل وكذلك الصين التى دفعت ٩ ملايين دولار قبضها ماكسويل الذى استطاع اقناع المسؤولين الصينيين بأهميته …
وهكذا استطاع الموساد الاسرائيلى اختراق أكثر النظم السياسية والعسكرية سرية فى العالم , واشترته إحدى الدول العربية ب١٥ مليون جنيه استرلينى نفس الجهاز الذى اشترته الصين ب ٩ ملايين دولار بعد ان أقنع ماكسويل المسؤولين فى هذه الدولة أن البرنامج يتكيف مع اللغة العربية …
وتبعتها الكثير من الدول العربية من باب تطوير العمل فى مؤسساتها , وهكذا كانت كل المعلومات الخاصة بمؤسسات واجهزة مخابرات الدول العربية مكشوفة لدى ضباط الموساد الاسرائيلى …
– كما ارادت اسرائيل تعويض فقدانها الجاسوس ” جوناثان بولارد” الذى ضبطته أجهزة السى آى إيه يتجسس لصالح اسرائيل على نشاط المخابرات الامريكية المركزية وعملاءها …
واستطاع ماكسويل تحقيق ذلك بالفعل واشترته منه شركة امريكية ” ديجيم للكمبيوتر” والتى قامت بتسويق برنامج بروميس على نطاق واسع فى الولايات المتحدةوأصبحت مكاتبها فى كل العالم أوكارا للموساد …
– عمل على تجنيد بعض أعضاء الكونغرس لحساب الموساد … وأهم الشخصيات التى تم تجنيدها السيناتور الامريكى ” جون جودوين تاور” والذى اعتبره صيداً ثمينا لكونه أحد المؤثرين فى دوائر صنع القرار الامريكى وقربه من الرئيس وبواسطته فُتحت أبواب الكونجرس والبنتاجون وشركات السلاح وحتى البيت الأبيض نفسه …
ويُعتبر تاور رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ … ومن ثم استطاع الموساد بواسطة تاور ان يصل الى معامل ” لوس آلاموس” و” سانديا” حيث تجرى أبحاث تطوير البرنامج النووى الأمريكى …
وهكذا كان العالم كله يظهر على شاشة الموساد فى تل ابيب ٢٤ ساعة يوميا …
– هجرة اليهود السوفييت الى اسرائيل : وهى خدمة اخرى قدمها ماكسويل لدولة الاحتلال حيث استطاع اقناع قادة الكرملين بفتح الابواب امام مئات الالاف من اليهود السوفييت للهجرة إلى إسرائيل … وهو ما تم بالفعل بعد ذلك بوقت قصير ..
وقد تمت العملية كما خطط لها ماكسويل بالرغم من وجود اعتراضات عربية وتدخل الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات اكثر من مرة محاولا منع او الحد من هذه الهجرة موضحا لقادة الكرملين ان اسرائيل تقوم بتوطين اليهود السوفييت المهاجرين اليها فى الاراضى الفلسطينية المحتلة مما يخلق حقائق ديموغرافية جديدة …
كان عرفات يقول هذا الكلام لقادة الكرملين فيما ماكسويل يحاول إقناعهم قائلاً : إن توطين اليهود فى الاراضى الفلسطينية يُعد عملا جيدا وأن على م ت ف أن تعمل على إقامة وطن للفلسطينيين فى الاردن وليس فى اسرائيل …
ويبدو أن قادة الكرملين كانوا اكثر ميلا للاقتناع بكلام ماكسويل وان لم يعلنوا ذلك … يقول “راسل ديفيس” فى كتابه ” جسم غريب ” إن هجرة اليهود الى اسرائيل تُعتبر أكبر انجازات ماكسويل للدولة اليهودية …
وأثناء زيارة غورباتشوف لاسرائيل فى يونيو١٩٩٢ قال الرئيس الاسرائيلى هارتصوغ ” إن ماكسويل أحد أهم الشخصيات الذين قابلتهم فى حياتى … كما أن ماكسويل ساهم بفعالية فى عودة العلاقات بين موسكو وتل أبيب والتى قُطعت عام ١٩٥٦ بعد العدوان الثلاثى على مصر …
– قام بمساعدة الموساد فى اختطاف عالم الذرة الإسرائيلي موردخاي فعنونو من لندن بعد ان ادلى بحوار الى صحيفة ” صنداى تايمز” البريطانية عام ١٩٨٦ كشف فيه لاول مرة بالصور والوثائق عن انتاج اسرائيل للأسلحة النووية فى مفاعل ديمونا بصحراء النقب.
– قام بدور الوسيط الذى استعانت به الموساد فى دفع البيت الأبيض للتورط فى صفقات الأسلحة الى إيران مقابل اطلاق سراح الرهائن الأمريكيين المحتجزين فى لبنان والتى عُرفت بعد ذلك باسم ” ايران جيت” .
هكذا قدم ماكسويل لإسرائيل ما لم يقدمه أى شخص آخر على وجه الأرض ، قدم كل شئ حتى شعرت اسرائيل أنه لم يعد لديه شئ آخر يمكن أن يقدمه ، فقررت ان تقتله لانه أصبح عبئا على جهاز الموساد الإسرائيلي بما يعرفه من اسرار عمل هذا الجهاز وعلاقاته بالخارج…
فى الوقت الذى بدأت شركات ماكسويل تفقد بريقها التجاري والإعلامي و تتراجع أرباحها بشكل كبير وديونه تزيد…
مما اضطره الى تفكيك الكثير من شركاته وبيع أصولها وازداد وضعه المالى تدهورا وضاق عليه الخناق واخذ يشعر ان امبراطوريته على وشك الانهيار , ولم يترك طريقا لانقاذ نفسه الا سلكها , لم يبق أمامه من طريق سوى اللجوء الى الموساد طلبا للمساعدة …
كان يشعر طوال الوقت وكأنه يدخر أصدقاءه الاسرائيليين لمثل هذا اليوم , ديونه تتراكم والأزمة المالية تطبق على أنفاسه, شامير وبيريز وأولمرت وهيرتصوغ كلهم يتهربون منه واتصل برئيس القسم المالى للموساد بعد ان تجاهله شبتاى شافيت رئيس الموساد ولم يرد على التليفون …
فاخذ يستنجد بهم ويذكرهم بالخدمات التى قدمها للموساد , ويطلب منهم ان يساعدوه فى الخروج من أزماته المالية , والرد دائما ” إن الموساد لا يستطيع ان يفعل ذلك ” الأمر الذى أثار غضبه وحنقه ومما دفعه للتهديد بالانتقام بإفشاء كل الاسرار …
ليس فقط الخدمات التى اداها بل كانت لديه معلومات حول صفقات اسرائيل وتعاملاتها السرية مع الدول , لذلك عندما بدأ التهديد بالانتقام كانت اسرائيل فى الوقت نفسه قد قررت التخلص منه …
وقداختلفت الاراء حول موته إن كان حادثا عرضيا وقع له وهو على يخته فى جزر الكنارى أو انتحر نتيجة افلاسه وتخلى اسرائيل عنه , او قتله الموساد وهذا ماذهب إليه ورجحه كل من جوردون توماس ومارتن ديلون فى كتابهما(روبرت ماكسويل، جاسوس اسرائيل الكبير) اللذان أكدا من خلال مقابلات مع ضباط سابقين بالموساد ورؤساء منهم ديفيد كيمحى وضباط مخابرات بريطانيين وأمريكيين وبلغار أن ماكسويل قتله ضباط للموساد تسللوا الى يخته تحت جنح الظلام وحقنوا عنقه بحقنة مليئة بمركّب اعصاب مميت ثم ألقوا بجثته في البحر…
تابع في مصير روبرت ماكسويل … أخطر عملاء الموساد