مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

عن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية

عن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية

عن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية

 

بقلم/ أيوب عثمان
..كاتب وأكاديمي فلسطيني

لم أسعد، قط، باجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي التأم في بيروت، يوم الخميس الماضي 3/9/2020، كما لم أسعد، أبداً، بما قالوه، ذلك أن ما قالوه أكد لي أنهم جميعاً – ودون استثناء – قد نسوا، أو قد تناسوا، أنهم يجتمعون تحت رئاسة أبي مازن.

 

 الذي قال، دون خوف أو خجل أو وجل، أمام وفد من الحاخامات المتطرفين في مكتبه برام الله: ” إسرائيل وجدت لتبقى…”، وقال أيضاً: “التنسيق الأمني مقدس مقدس مقدس”.

 

 الذي قال، بعيداً عن لغة الصراحة الوطنية، والصدق والمباشرة، وإنما تعبير عن الهوان والمذلة وامتهان الكرامة الوطنية: “أنا عايش تحت بساطير الإسرائيليين”، و”أنا رئيس سلطة بلا سلطة”، و”نحن تحت احتلال بلا كلفة”.

 

 الذي يحاصر قطاع غزة وأهله منذ 14 عاماً، ويقطع الرواتب عنهم وعن الأسرى وأسرهم وموظفيهم منذ مارس 2017.

 

 الذي أضاع عقوداً من حياة الشعب الفلسطيني في التفاوض العبثي، حيث ظل مصراً – وما يزال – على التفاوض سبيلاً وحيداً لا غيره ولا سواه، على الرغم من اعترافه بالفشل أكثر من مرة، وعلى الرغم من اعتراف كبير مفاوضيه، صائب عريقات، بأن ما حققه التفاوض ليس أكثر من صفر.

 

 الذي يَسْخر من المقاومة ومن سفن كسر الحصار، قائلاً: “أنا لا أؤمن بالمقاومة المسلحة، لأنها عبثية وصواريخها عبثية”، وإن “سفن كسر الحصار عبثية أيضاً”.

 

 الذي ذهب إلى دولة إسرائيل للتعزية في وفاة بيريز، رئيس دولة الاحتلال، و شكل لجنة اسماها لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، والتي يوفدها إلى دولة الاحتلال بين الحين والآخر.

 

 الذي أبقى الانقسام 14 عاماً حتى هذه اللحظة، وقد كان في مكنته طيلة فترة الانقسام هذه أن يأتي إلى غزة، لا سيما بعد ثلاثة حروب مدمرة عليها، فيعقد جلسات لحكومته، وتحت سمع العالم وبصره، فوق أنقاض الشجاعية وبيت حانون وخزاعة و.. و..، لكنه لم يفعل، وهو رئيس في قبضته مجموعة رئاسات لا رئاسة واحدة.

 

 الذي ترك الاستيطان يتمدد ويتمدد حتى صار للمستوطنين دولة داخل دولة الاحتلال، فهو لم يُلقِ بالاً لخبير الخرائط، التفكجي، الذي قال: “ياللأسف المفاوضات تجري والمستوطنون في تزايد، وهذا يشير إلى أن جولات المفوضات فرصة ممتازة لحكومة الاحتلال لتوسيع الاستيطان”.

 

 الذي فرغ منظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها الحقيقي الكفاحي، حيث لم يفعل شيئاً في شأن تفعيلها وإعادة إحيائها وتطويرها، إنفاذا لما تم الاتفاق عليه أكثر من مرة، لا سيما في اجتماع الفصائل بالقاهرة في مارس 2005 وفي اتفاق القاهرة 2011.

 

 الذي لا يؤمن بشرعية مقاومة الاحتلال بكل وسيلة تتاح إلا التفاوض التي يعتبرها وسيلة واحدة وحيدة لا غيرها ولا سواها، فهو القائل: “البديل عن المفاوضات هو المفاوضات، وإذا فشلت المفاوضات، فلا سبيل أمامنا إلا المفاوضات”.

 

 الذي منع – وما يزال يمنع – أي حراك ضد الاحتلال في الضفة، كما يقف ضد مسيرات العودة في قطاع غزة، باذلاً كل جهده كي لا تصل إلى الضفة، ما يضيف إلى الموقف الصهيوني هدوءاً وقوة.

 

 الذي أعلن، دون خجل أو وجل، أنه يلتقي كل شهر مع رئيس جهاز الشاباك الصهيوني مؤكداً أنه يتفق معه في كل المسائل الأمنية بنسبة تزيد عن 99%.

 

 الذي لم يلتزم بما صدر عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أكثر من مرة، اعتباراً من مارس 2015.
 الذي صرح لقناة دريم الثانية المصرية في 22/10/2011 أنه لن يبقى في الحكم لو أن اثنين فما فوق من الشعب قالا: “يسقط عباس”، ما يعني أنه يقول ما لا يفعل.

 

 الذي أدار ظهره لتفاهمات بيروت 2017 بخصوص عقد المجلس الوطني الفلسطيني، حيث عقده في رام الله منفرداً، خلافاً لما تم الاتفاق عليه.

 

 الذي قام بحل المجلس التشريعي المنتخب، والذي لا يجيز القانون له حله، خلافاً للمادة (47 مكرر)، وقام بتشكيل المحكمة الدستورية، خلافاً للقانون، أيضاً.

 

 الذي كان رده على اتفاق المصالحة الذي تم إبرامه في القاهرة في أكتوبر 2017 بالاستمرار في جريمة إنزال العقوبات ضد قطاع غزة وأهله وأسراه وأُسَر أسراه.

 

 الذي ظل سنوات وسنوات – وحتى قبل الآن – يرفض عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 

تابع أيضاً في “عن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية”

وبعد، فإذا كان ما أوردناه أعلاه، جزءاً يسيراً من تاريخ أبي مازن الأسود الذي يبدو أن الأمناء العامين قد نسوه أو تناسوه، فإنني أتساءل:” ألم يَجُلْ في خاطر أحدهم أن يبلغ أبا مازن – بطريقته – أن الخطوة الصهيو/إماراتية التحالفية الإندماجية (وليست التطبيعية)، لم تكن إلا نتاجاً لأوسلو الذي كان عباس مهندسها وعرابها، كما كانت نتاجاً لإصرار عباس على الاستمرار في درب التفاوض درباً واحداً وحيداً يتيماً لا بديل عنه؟!

 

وألم يَجُلْ في خاطر واحد من المتحدثين أن يشير إلى أن هذا الانهيار السريع والكبير والخطير الذي تشهده الساحة الفلسطينية والعربية والإسلامية ما كانت لتكون على هذه الشاكلة لو بقي ميثاقنا الوطني كما كان، دون شطب المقاومة من بنوده، ثمناً لسلام مُرٌ لم يَجْنِ شعبنا منه إلا كل ضُرّ، ما يوجب علينا أن ندفع باتجاه استعادته كما كان؟!

 

أما آخر الكلام، فإنني أرى أنه لو افترضنا – جدلاً – أن جميع الأمناء العامين قد نسوا أو فضلوا أن يتناسوا هذا القليل من الموبقات الوطنية التي مارسها أبو مازن، والتي أوردنا بعضها أعلاه، فهل لرئيس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ، إسماعيل هنية، الذي لا تفارق الثورية الوطنية لسانه كلما تكلم وفي أي موضوع تكلم، أن ينسى مِثْلهم أو يتناسى؟!

 

ألم يَجُلْ في خاطر رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، أن يطالب أبا مازن بالاعتذار للشعب الفلسطيني عن كل ممارساته الفعلية واللفظية ضده، والتي ذكرنا جزءاً يسيراً منها؟ ألم يَجُلْ في خاطره أن يطالب أبا مازن بالاعتذار عن محاصرته لقطاع غزة وأهله وقطع رواتبهم ورواتب أسراهم وأُسَرهم؟!

 

ألم يَجُلْ في خاطره – وهو رئيس حركة مقاومة إسلامية عربية فلسطينية تعتبر نفسها رأس الحربة في الدفاع عن الشعب والمقاومة ضد الاحتلال – أن يطالب أبا مازن بالنزول عاجلاً إلى غزة، معلناً بذلك عن إصرار الشعب الفلسطيني على مقاومة متعددة وسائلها وأساليبها متنوعة أشكالها وآلياتها، مقاومة لا تهدأ، ولا تتوقف إلا بزوال الاحتلال الصهيوني عن أرضنا الفلسطينية العربية الإسلامية؟! هذه أسئلة وغيرها كثير ستظل برسم الإجابة، يا رئيس حركة المقاومة الإسلامية “حماس.