مصير عملة الشيكل
بقلم / عماد طه
ماذا سيحدث لعملة الشيكل في حال زوال إسرائيل؟ وقبل الخوض في هذا الموضوع الحساس لا بد من بعض المقدمات الضرورية. والتي من شأنها ان تساعد القارئ الكريم في فهم حيثيات هذا الموضوع.
المقدمة الأولى: تعرف العملة على أنها صك (شيك) مسحوب على حكومة الدولة المصدرة لتلك العملة. بحيث تلتزم هذه الحكومة بالوفاء بقيمة عملتها لحاملها إما بالذهب أو أي من العملات الصعبة الأخرى. وتعتبر الحكومات او السلطات المتعاقبة على دولة ما مسؤولة عن الوفاء بإلتزامات سابقتها المالية تجاه الغير.
المقدمة الثانية: كان الجنيه الفلسطيني العملة الرسمية في فلسطين التاريخية وإمارة شرق الأردن ما بين عامي ١٩٢٧ و١٩٤٨. وكان الجنيه الفلسطيني آنذاك يساوي جنيه استرليني. وبعد قيام ما يسمى بدولة إسرائيل عام ١٩٤٨ استمرت حكومة إسرائيل بالتعامل بالجنيه الفلسطيني حتى عام ١٩٥٢. حيث أقامت إسرائيل بنكا مركزيا أصدر الجنيه الإسرائيلي او ما يعرف بالليرة الإسرائيلية بدلا للجنيه الفلسطيني. وتم ربط قيمة الليرة الإسرائيلية آنذاك بالجنيه الفلسطيني. وقد استمر التعامل بالليرة حتى العام ١٩٨٢ حين استبدلت بالشيقل.
المقدمة الثالثة: وهي أن عملة الشيكل الحالية تعتبر العملة الرئيسة في ما يسمى دولة إسرائيل. وإحدى العملات الرئيسة إن لم تكن أهمّها في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتعتبر عملة الشيكل هي عملة التداول والوفاء الرئيسة في معظم القطاعات الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية. وهي العملة الأساسية لصناديق الادخار ونهايات الخدمة لعشرات الآلاف من موظفي القطاع العام والخاص.
بالإضافة الى ودائع ومدخرات الكثير من المواطنين الفلسطينيين بعملة الشيقل. وتقدر كمية الشيكل المتراكمة في البنوك الفلسطينية أكثر من ستة مليارات شيكل. بينما في ما يسمى دولة إسرائيل فان كمية الشيكل تقدر ب مئات المليارات ؛حيث يبلغ الناتج المحلي السنوي الإسرائيلي ما يقارب ١،٥ ترليون شيكل. بينما يبلغ الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة والذهب ما قيمته ٢١٣ مليار دولار. مع ملاحظة ان سعر الشيكل مقابل الدولار الأمريكي تم تعويمه منذ عام ١٩٩٨حيث كان قبل التعويم يعادل ٢،٨ شيكل لكل دولار أمريكي.
بناءاً على الحقائق السابقة يمكن وضع تصور مختصر لما قد يحدث في حال قامت حرب في المنطفة وأدت الى تحقق نبوءة زوال دولة إسرائيل.
أولا: تأثير الحروب
لا شك ان عملات الدول تتأثر بشكل مباشر بالحروب التي تخوضها تلك الدول اما ارتفاعا او نزولا، وفي الحالة الإسرائيلية فانه اذا تكوّن لدى الناس فكرة باحتمالية زوال إسرائيل فانها بالتأكيد ستلجأ الى أخذ الاحتياطيات اللازمة للحد من خسارتها من خلال التخلص من عملة الشيكل واللجوء الى خيارات افضل وأقل مخاطرة. كاللجوء الى الدولار او الذهب او اية عملة صعبة أخرى. بالتالي وبما ان الشيكل غير مربوط بالعملات الصعبة (معوم) فان قيمته ستخضع للعرض والطلب.
وبالتالي لجوء الناس الى التخلص من الشيكل بشكل كبير سيؤدي حتما الى نزيف حاد في قيمته وبالتالي انهياره. وهنا لا بد من الإشارة الى ان سرعة انهيار الشيكل سيعتمد على سرعة انهيار دولة إسرائيل. لانه بالتأكيد قبل حصول الانهيار التام سيتخذ بنك إسرائيل إجراءات سريعة للحد من النزيف. لذلك اظن جازما ان لديه القدرة على فعل ذلك قبل الانهيار التام للدوله لما يحتفظ به من احتياطيات بالعملة الصعبة والذهب.
ثانيا: تراجع عملة الشيكل
فيما لو حصل انهيار كامل لدولة إسرائيل وانهارت كافة مؤسساتها بما في ذلك المؤسسات المالية ومن ضمنها بنك إسرائيل (البنك المركزي). هنا يتم فقدان السيطرة على التحكم بالعرض والطلب على عملة الشيكل وتصبح قيمته خاضعة بالكامل لتصرفات وسلوكيات المتداولين له. وهذا أخطر ما في الامر لغياب السلطة النقدية عن المشهد.
ثالثا: السلطة القادمة
يجب أن يكون دور السلطات الجديدة التي يفترض ان تمسك بزمام الأمور بما فيها إدارة السلطة النقدية منسجما مع مصالح السكان بغض النظر عن انتماءاتهم سواء كانوا عربا او يهودا. بحيث يتم المحافظه على أموالهم ومدخراتهم بالشيكل بشكل يمنع حصول فوضى بسبب فقدان القيمة الشرائية لاموالهم. لذلك لا اظن ان هذا المشهد سيطول كثيرا. لانه من واجب السلطات الجديدة ان تتخذ إجراءات فورية لاعادة الثقة للشيكل وعمل تقييم فوري لها بناءً على ما يملكه بنك إسرائيل (البنك المركزي) من عملات صعبة وذهب ومن ثم الغاء التعويم وربط الشيكل بالذهب او بسلة عملات صعبه بحيث تبقى قيمته ثابته وغير خاضعة للعرض والطلب الا ضمن هامش معين.
رابعا: عملة الشيكل المؤقت
ان تقوم السلطات الجديدة باعتبار الشيكل العملة المحلية الوحيدة في فلسطين. وعمل ما يلزم من تطبيق السياسات النقدية الملائمة للحفاظ على قيمة الشيكل الشرائية. والحد من التضخم الذي قد ينشأ نتيجة الأوضاع المالية والاقتصادية الجديدة خلال الفترة الانتقالية لاستبدال الشيكل بعملة اخرى.
خامسا: العملة الجديدة