محاضرة ” المجلس الوطني الفلسطيني”
ضمن سلسة التعريف بمنظمة التحرير الفلسطينية للدكتور /عصام عدوان
*المجلس الوطني الفلسطيني:
هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، الذي يضع سياستها ومخططاتها وبرامجها، وهو برلمان فلسطيني يضم ممثلين عن الفصائل الفلسطينية الفدائية والاتحادات الشعبية وممثلين عن جيش التحرير الفلسطيني وشخصيات مستقلة من ذوي الكفاءة والاختصاص. وكانت الدورة الرابعة للمجلس الوطني في يوليو 1968، هي أول دورة تشارك فيها الفصائل الفلسطينية الفدائية على أسس جبهوية، ثم درجت الدورات التالية على هذا النحو مع تغيير ما، في نسب تمثيل هذه الفصائل مقابل نسب تمثيل كل من الاتحادات الشعبية والمستقلين.
كان عدد أعضاء المجلس في زيادة مطّرِدة، بينما ثبت عدد أعضاء المجلس الممثلين عن الفصائل بشكل رسمي، وعوضت الفصائل وخصوصاً فتح حاجتها لأن تكون لديها أكثرية الأصوات في المجلس، بإدخال المستقلين بأعداد كبيرة نسبياً ومتزايدة باستمرار، مع زيادة حصص التنظيمات الشعبية؛ كاتحاد الطلاب والعمال والمرأة والكتّاب والمعلمين والهلال الأحمر.
كانت هناك حاجة مستمرة لزيادة عدد أعضاء المجلس الوطني من أجل تغطية أوسع قدر من قطاعات ومناطق الشعب الفلسطيني، وأمام الحاجة إلى هذه الزيادة اجتهدت فتح في استبقاء سيطرتها على المجلس من خلال المنتمين لفتح أو المؤيدين لها، أو المتوافقين معها بين المستقلين والمنظمات الشعبية، التي حازت على قرار في الدورة العاشرة للمجلس الوطني بتخصيص 50% من الأعضاء الجدد في المجلس للمنظمات الشعبية، التي تُجري انتخاباتها الداخلية لاختيار الأمانة العامة للاتحاد.
ومن ثم تسمى ممثليها داخل المجلس الوطني. وقد استحوذت فتح على أغلبية مقاعد الأمانة العامة لكل اتحاد من الاتحادات الشعبية، فمن أصل 17 عضواً في المجلس الوطني في دورته التاسعة عام 1979 ممثلين عن الاتحادات الشعبية، كان بينهم على الأقل 13 عضواً من فتح، ومن أصل 22 ممثلاً عن الاتحادات في الدورة الحادية عشرة للمجلس عام 1973 كان هناك 15 عضواً من فتح، ومن أصل 55 ممثلاً عن الاتحادات في الدورة السادسة عشرة للمجلس عام 1983 كان هناك على الأقل 33 عضواً من فتح، بينما يتوزع العدد المتبقي من ممثلي الاتحادات بين الفصائل والانتماءات المتعددة فلا يشكلون قوة متماسكة.
تابع في محاضرة ” المجلس الوطني الفلسطيني”
وأما الأعضاء المستقلون في المجلس الوطني، ففي وقت مبكر، تمت تسميتهم بواسطة لجان شعبية، ثم بمشاركة اللجنة التنفيذية وموافقتها، بالاشتراك مع رئاسة المجلس الوطني، ثم تألفت لجنة عضوية من رئاسة المجلس واللجنة التنفيذية وممثلي الفصائل وبعض المستقلين، ثم تُعرض الأسماء على المجلس للتصويت العام، وعند نهاية ولاية كل مجلس يتم تكليف لجنة تحضيرية من مكتب رئاسة المجلس واللجنة التنفيذية لتشكيل مجلس وطني جديد، تراعَى فيه العلاقات الجبهوية من الفصائل وقوى الشعب الفلسطيني وشخصياته المستقلة.
وهكذا يتم تحديد أسماء أعضاء المجلس نتيجة مداولات طويلة بين زعماء الفصائل في المنظمة قبل كل دورة، وكانت النتيجة أن حافظ أعضاء المجلس على عضويتهم لدورات متعاقبة في أغلب الأحيان، وذلك ضمن اتفاقات وتوازنات ومصالح لا علاقة لها بأسس العملية الديمقراطية أو تمثيل الشعب الفلسطيني حقيقة، والأمر يسري على اختيار المستقلين، الذين انفرد رئيس اللجنة التنفيذية منذ عام 1973، بالموافقة على اختيارهم بعد تشاور شكلي مع رئاسة المجلس وممثلي الفصائل، حيث تقبل الفصائل الأخرى بتسمية عدد قليل من المستقلين المقربين والمؤيدين لها، لتوافق على بقية الأسماء، التي غالباً ما تخص فتح.
وتساءل البعض لماذا لم تتم عملية انتخاب بين الفلسطينيين حيثما أمكن ذلك. فمع صعود مد الثورة أواخر عام 1968 وخلال عام 1969 كان من الممكن إجراء انتخابات في معظم دول العالم التي تؤوي جاليات فلسطينية معتبرة، وأهمها الأردن ثم لبنان، ولا أدلَّ على ذلك من إجراء عمليات انتخاب لمختلف النقابات والاتحادات الشعبية الفلسطينية في مختلف التجمعات.
لقد كان نظام (الكوتا) المعمول به في هيئات منظمة التحرير أفضل لهيمنة فتح وسيطرتها على القرار الفلسطيني، كما أنه منح التنظيمات الأخرى تمثيلاً يفوق في حالات كثيرة حجمها ووزنها الفعلي في الساحة الفلسطينية، فحصة كل تنظيم محفوظة، ولا تنقص، بل تزداد بمرور الوقت.
تابع في محاضرة ” المجلس الوطني الفلسطيني”
وأما من حيث قرارات المجلس الوطني، فتجتمع اللجنة المركزية لفتح والمجلس الثوري عادة لبحث جدول أعمال المجلس الوطني قبل انعقاده، وبالتالي لن تفاجأ فتح داخل المجلس بشيء، إذ تكون فتح، من خلال مشاورات كتلتها داخل المجلس( المؤلفة من عناصر فتح والمقربين إليها، والموافقين على سياستها، من المستقلين والاتحادات الشعبية، والأرض المحتلة، وبعض مؤيدي سياستها داخل فصائل أخرى)، قد حددت فرص نجاح القرار الذي تعتزم عرضه على المجلس، فإن رأت فرصة لنجاحه، عرضته عليه.
ومن هنا قرر المؤتمر العام الرابع لفتح في مايو 1980 “اعتبار القرارات السارية للمجالس الوطنية الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية جزءاً مكملاً للبرنامج السياسي للحركة بما لا يتعارض مع مبادئ وأهداف حركتنا وبرامجنا السياسية وذلك انسجاماً مع الموقع القيادي لحركتنا في منظمة التحرير”، وأكدت اللجنة المركزية على القرار مطلع عام 1984، وقررت أن “الموقف السياسي لحركة فتح هو الموقف السياسي للمجلس الوطني الفلسطيني”، وكان تفسير القرار الذي اتخذه المؤتمر الرابع هو أن “حركة فتح هي واضعة هذه القرارات”.
المصدر: د. عصام عدوان، حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ١٩٦٩-١٩٨٣، ص ٢٧٦