سيف القدس لن يُغمد أبداً
أحمد المدلل
تضحيات كبيرة قدمها الشعب الفلسطينى لا يتصورها عقلُ بشرٍ منذ بدايات المؤامرة عليه فى أوائل القرن العشرين حتى يتم تهجيره عن أرضه وإحلال عدوًّ تاريخى تعرفه الامة الإسلامية جيداً ، منذ دولة الإسلام الأولى فى المدينة المنورة بقيادة النبى محمد صلى الله عليه وسلّم وإلى يومنا هذا ، وهى تحفظ معالمه من خلال القرآن الكريم والسنّة النبوية، ولا يشبه هذا الاحتلال الإحتلالات التاريخية التى قرأنا عنها ، فقد جاء احتلالاً مركبّاً بعد مئتى عام من استعمار غربىٍّ غيّر معالم الامة العربية والاسلامية كما يريد .
وقد واجه هذا الاستعمار ثورات الشعوب التى استبسلت من أجل حريتها لكنه استطاع بعد شعوره بصعوبة البقاء بجيوشه على اراضيها و امام ارادة الشعوب أن يجيّر حصاد – ثوراتها وانتصاراتها- لصالحه هو من خلال رجالات وأنظمة صنعها على عينه – لا علاقة لها بعقيدة الشعوب ولا ثقافتها ولا تاريخها ولا تعبر عن آمالها وقد أرضعها الغرب حليب أفكاره وثقافته فأصبح دور هذه الزعامات الحاكمة لا يتعدى كونهم وكلاء للإستعمار الذى لم يخرج حقيقة ولكن اراد ان يقلل من كلفة احتلاله.
إلى جانب تنصيب أنظمة دخيلة على الأمة، قام الاستعمار بغرس غدّةٍ سرطانية فى قلب العالم العربى والاسلامى ( الكيان اليهودي ) ليكرس تبعية الأنظمة للغرب وتجزئة العالم العربى حسب اتفاقية سايكس وبيكو الى دول ذات حدود وثقافات وانظمة وسياسات مختلفة عن بعضها البعض مع تغذية الصراعات الحدودية بين هذه الدول ومن ثم رأينا كيف تمت تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم ليصبح العالم العربى دويلات متناحرة جغرافيا وايديولوجيا وسياسيا وعسكريا لا تعرف الاستقرار ، بل ويصبح الكيان الصهيونى دولة صديقة لبعض الانظمة الحاكمة التى تعمل جاهدة لتثبيت اركانه والوقوف فى وجه أى نهضة عربية تواجه هذا الكيان وتقليم أظافر أى مقاومة تسعى لتحرير فلسطين ، فلم يستطع أحرار العرب فعل أى شئ من أجل فلسطين بسبب قمع الأنظمة العنيف لهم بدون أى رحمة.
تابع في سيف القدس لن يُغمد أبداً
وقع الفلسطينيون بين مطرقة الإحتلال الذى مارس كل اشكال الجرائم التى يندى لها جبين البشرية ضدهم ، وسنديان الانظمة الحاكمة صنيعة الغرب التى ضيّقت الخناق عليهم وحاصرتهم وحاولت كىَّ وعىٍ شعوبها بنبذ الفلسطينى الإرهابى ، واستكانت الأمة وخضعت لمصيرها وان كان هناك شعور وجدانى اتجاه فلسطين برفض الجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى لم يتجاوز هذا الرفض اصدار بيانات الشجب والادانه التى لا تؤثر على الاحتلال بشئ .
وبالرغم من ذلك كلّه لم يفقد الفلسطينىُّ بوصلته وظلّ يحذوه الأمل بالحرية واستعادة الحقوق وأن تعود الأمة إلى رشدها لتكون فلسطين قضيتها المركزية ، فلم تنكسر إرادة الشعب الفلسطينى ولم يُعدم خيارات المواجهة وأدواتها بالانتفاضات والمظاهرات الشعبية والحجر والسكين ثم تطورت هذه الأدوات لتصبح رصاصاً وبندقية وعمليات إستشهادية وصواريخ يصنعها المجاهدون بأيديهم .
بل إن الفلسطينى لم يعجز فى استدامة الإشتباك مع جيش الإحتلال المدجج والذى أرادته أمريكا والغرب أن يكون أقوى جيوش المنطقة فأمدوه بكل ما يحتاج من دعم مادى وسياسى وعسكرى حتى يبقى محافظاً على تفوقه أمام أى تحدًّ له فى المنطقة العربية او أى تغيير لأى نظام حوله وهو لا يأمن الشعوب.
منذ وجود الاحتلال الصهيونى وإلى يومنا هذا لم يستطع نظام أو قوة موجودة أن تهزم جيش الاحتلال الذى احتل غزة والضفة والقدس الشرقية عام ١٩٦٧م خلال ساعات قليلة وارتكب جرائم ضد الشعب الفلسطينى وضد كثير من شعوب المنطقة ولم يستطع اى نظام حاكم الوقوف فى وجهه او أن يرد كرامة شعبه .. وكما اكد المؤرخون والخبراء العسكريون أن الحرب الوحيدة التى هُزم فيها الاحتلال وهى حرب اكتوبر ١٩٧٣ لم تكن سوى حرب تكتيكية او تحريكية أرادها السادات جسرا لعقد اتفاقية سلام مع دولة الاحتلال هى الأولى التى يتجرأ عليها رئيس عربى وقد سَمّى نفسه “بطل الحرب والسلام” .
نعم على مدار عمر الاحتلال توغل الاحتلال فى الدم الفلسطينى بالرغم من اتفاقية اوسلو عام ١٩٩٣ التى اعترفت للعدو الصهيونى بالشرعية على ٧٨% من ارض فلسطين إلا أن الاحتلال استمر فى جرائمه وسرقة الأرض والتهويد ، والشعب الفلسطينى يغلى بانتفاضاته ، ومقاومته تُراكم على قوتها بالرغم من الحصار والتجويع وقدتجاوز الشعب كل آلامه ومآسيه التى ازدادت مع مرور الزمن لينهض أقوى مما كان عليه وينهض من جديد ليخوض معركة تلو معركة حتى جاءت معركة ” سيف القدس ” التى أكدت عظمة المقاومة ولم يتوقع العدو الصهيونى آثارها المدمرة عليه.
كان رئيس اركان الجيش الصهيونى أفيف كوخافى وقد وضع خطته المعروفة بإسم ” تنوفا ” التى تقضى بأن ( تُحسم المعركة في الضربة الأولى، ويتم تدمير 50% من قدرات المقاومة وقتل ثلاثمئة مقاتل منها يومياً على ألّا تطول أيام المواجهة، لأنه لا يتحمل مدة طويلة من المعركة ، وتحقيق المكاسب من خلال اغتيال شخصيات بارزة، وتدمير مواقع للمقاومة ) .
وكانت المفاجأة أن خطة كوخافى انقلبت راساً على عقب عندما وجهت المقاومة الضربة الأولى السادسة مساء فى سماء القدس لردع المتطرفين الذين تحشدوا بعشرات الالاف لاقتحام المسجد الأقصى وتبعتها الضربة الثانية صاروخ الكورنيت الذى اصاب جيب الاستخبارات الصهيونية على الحدود مع غزة فى مقتل وامتلكت المقاومة زمام المعركة مما أحدث صدمة لدى قادة العدو الذين لم يستطيعوا استيعاب ما حدث ولم يحرك الجيش الأقوى فى المنطقة ساكناً وأمام تجهيزات المقاومة الفائقة تحركت طائرات الF35 الامريكية بصواريخها المدمرة.
ولم تجد أهدافاً أمامها سوى الابراج والمبانى السكنية التى دمروها على رؤوس الاطفال والنساء والعجائز وذوى الاعاقة والطرقات والمؤسسات مما أكد بداية الهزيمة التى توالت يوماً بعد يوم أمام شدة ضربات السرايا والقسام وقوى المقاومة.التى أكدت وحدة الميدان.