في “يوم التضامن” العالمي..
الشعب الفلسطيني السلاح الذي يخشى الجميع استخدامه
كتب: عماد عفانة
الـ 29 من نوفمبر من كلّ عام، أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يومًا عالميًّا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو اليوم الذي اقرّت فيه ذات الجمعيّة قرار تقسيم فلسطين، فيا للمفارقة، يسرقون وطننا ثم يخصصون يوما لذرف الدموع على نكبتنا.
ويزعمون أن يوم التضامن هذا جاء لتذكير العالم أجمع بأن للشعب الفلسطيني حقوق في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وتقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم والتعويض عليهم، استنادًا للقرارات الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار الأممي رقم 194، رغم أنه لا يلبي أدنى طموحات الشعب الفلسطيني.
44 عامًا مرت هذا الإعلان، فيما لا يزال الشعب الفلسطيني يرزح تحت احتلال يصادر أراضيه ويهوّد مقدّساته ويأسر الآلاف من شعبه، فيما ملايين الفلسطينيين منفيون في شتّى أصقاع الأرض، يدفعون فاتورة الشتات والتهجير من الوطن من حقوقهم المدنية والإنسانية.
تابع في مقال “الشعب الفلسطيني السلاح الذي يخشى الجميع استخدامه”
يأخذ التضامن مع الشعب الفلسطيني أشكال مختلفة من المشاعر الفياضة والاحاسيس وربما بعض الدموع الباردة، لكن ليس من بينها البتة مده بأسباب القوة لاستعادة حقه السليب.
فالتضامن مع الشعب الفلسطيني بات يتمثل في الإعلانات والشعارات، التي لا تضمن لهم التمتع بأبسط حقوقهم الإنسانية كبقية البشر.
حرمان الشعب الفلسطيني من الحقوق الإنسانية والاجتماعية في مختلف أماكن تواجده، ما يجعل منه قنبلة يتزايد خطر انفجارها مع مرور كل يوم لا يستردون فيه حقهم السليب.
ظروف اللاجئين الفلسطينيين في شتى أماكنهم لم تعد تحتمل مزيداً من المماطلة والتسويف وإدارة الظهر، فلا وكالة “اونروا” توفر خطط طوارئ صحية وإغاثية وتربوية شاملة ومستدامة، في ظل مسلسل التقليصات المتسارع في الإغاثة والخدمات، ولا الدول المضيفة قادرة أو حتى راغبة في القيام بواجبها القومي والعروبي بل والإنساني حيال شعبنا اللاجئ، ثم يأتي اتفاق الإطار بين الأونروا وامريكا ليتوج حرمان شعبنا من حقه في التعبير حتى عن مشاعره الوطنية.
يبدو أن ما يسمى بالعدالة الدولية التي اخترعها المجتمع الدولي -المكون من الدول الامبريالية والاستعمارية- محرمة على الشعب الفلسطيني الذي يكافح لإنجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني طبقا لما نصت عليه القرارات الدولية ذات الصلة، بحيث بات الوقوف إلى جانب شعبنا ومساندته وتأمين الحماية الدولية له جريمة تستحق العقاب في أغلب دول العالم وفي مقدمها الدول العربية، في الوقت الذي يواصل فيه آخر احتلال كولونيالي ممارسة أبشع أنواع الإرهاب المنظم على مستوى الدولة في ظل دعم أمريكي وأوروبي مفضوح.
فهل بات علينا الكف عن مطالبة المجتمع الدولي بتأمين الموازنات اللازمة لـ “أونروا” أو توفير موازنة ثابتة لها لإخراجها من دائرة الابتزاز السياسي، او حشد تمويل خاص لشمول اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان ببرنامج الطوارئ المعمول به في فلسطين وسوريا، لناحية مطالبة شعبنا اللاجئ في كافة أماكن تواجده بأخذ زمام المبادرة لاسترداد حقوقه، الأمر الذي سيقلب الطاولة على جميع المتآمرين، ويفشل خطط التهميش والتذويب التي تستهدف شعبنا وحقوقه.
لا شك أن مواقف الشعوب يتضامن ويقف الى جانب حقوق شعبنا، أمّا الحكومات فهي في الظاهر تقف مع قضيتنا لكنّها في الجوهر مع استمرار نكبته وتهجيره وليس عودته، لأنّ من يريد عودة شعبنا حري به تأميّن حقوقه الاجتماعية ليعيشوا في ظروف اقتصادية وانسانية جيدة، تمكنهم من التفرغ للانشغال بجهد التحرير، وليس الانشغال بتامين لقمة العيش.
يعلم الجميع ان الفلسطينيين الأكثر اضطهادا في العالم، لأنهم شعب بلا وطن، وبات بعد أوسلو ممنوع عليهم حتى التجند للدفاع عن حقهم في التحرير والعودة، وهذه الظروف بالذات هي الأكثر ملائمة لتعبئة شعبنا بالاتجاه المعاكس، لناحية التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وخاصة العودة والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وتعميق الايمان بأن فلسطين ستعود وانه لا يحق لاي مؤسسة أو فرد أو فصيل أو دولة التنازل عن شبر واحد من فلسطين.
تخيلوا لو ان فصائل شعبنا انشغلت عن إدارة الانقسام، وعن المناكفات، وعن تجريب الحلول السياسية العبثية، في توظيف اقوى أسلحة القضية الفلسطينية، وهي الشعب الفلسطيني ذاته، والكف عن اختصار المقاومة والنضال في مجموعات وجماعات، لناحية تحويل شعبنا بأكمله إلى تيار مقاوم غير ملون غير متحزب غير متحيز سوى لحقوقه ووطنه السليب، هل كانت ستجرؤ أي من الدول العربيّة حينها التطبيع مع كيان الاحتلال، أو استقبال إرهابييه في قصور الحكم، أو اضاءة شموع أعياده في ميادين عواصمهم.
الشعب الفلسطيني ذاته وليس أي حزب أو فصيل أو سلاح، هوما يخشاه الأعداء، وانظروا إن شئتم الى البروفا الصغيرة التي نفذها شعبنا ابان معركة سيف القدس قبل بضعة اشهر، وكيف هب في مختلف أماكن تواجده نصرة للقدس ولطهارة الأقصى، ولبيوت الشيخ جراح المهددة بالهدم والمصادرة، وتمعنوا ان شئتم في حجم الرعب الذي اعترى الكيان عندما وقف شعبنا الثائر على أبواب غرف نومهم في مدننا في الداخل المحتل خاصة مدينة اللد الثائرة.
قد تفلح بريطانيا أو أمريكا أو غيرها من الدول وضع ح م اس او غيرها من الفصائل على لائحة الإرهاب، لكن ابدا لن تستطيع أي قوة أو دولة في العالم تصنيف شعب بأكمله على قائمة الإرهاب.