الأزمة في السودان والفهم الخطأ
د. علي لاغا
المؤسسة العالية للبحث العلمي
18/11/2021
صحيح أنه في أمريكا وكندا وبريطانيا.. يحكم الحزب الذي ينال الأغلبية لكن توجد ضوابط ومصافي لاتخاذ القرار تحول دون تغوله في احتكار تسيير البلاد لكن هذا ليس موجوداً في دول العالم الثالث حيث الوصول للسلطة ليس بالطرق النظيفة والسليمة ومن يحتل السلطة يصادر كل مقومات الدولة لفريقه خاصة .
إن شعار الحرية والتغيير ليس إلا قناعاً للحزب الشيوعي الذي أفاد من أخطاء الحزب الواحد الذي كان يتولى السلطة لعقود وركب موجة تذمر الشعب السوداني ، غير أنه سرعان ما انكشف وتبينت هويته وعمل رئيس الوزراء حمدوك على جعل السلطة حكراً على حزبه ورفض تشكيل سلطة تجمع الشعب السوداني بعيداً عن الحزب المتفرد المُلهم ( بالروح بالدم نفديك ..).
لقد آن الأوان لكل متصدر للعمل السياسي ( السياسة ترتيب وإدارة وخدمة الناس ورعاية مصالحهم ) أن يعي فشل الحكم الفرد أو الحزب الفرد أو العسكر .
إن الدولة مصلحة عامة كل من يعيش في أرض تسودها شريك
مساهم فيها ومن يتولاها مهمته تأمين مصلحة الجماعة والفرد مما يستوجب مواصفات عالية كفاءة وخبرة ونزاهة وحزماً في ارساء العدالة واحترام مشاعر الناس .
تابع في الأزمة في السودان والفهم الخطأ
إن من يتولى أمراً عليه ان يُلِم مسبقًا بالمخزون النفسي لمن يتولى أمرهم ، ومن اطلع على مناشدة زعيم المعارضة الذي حارب حزبه الدين ومشاعر الناس لعقود قاربت على القرن في تركيا وهو يعترف بالخطأ ويطالب الشعب بقبول الاعتذار والمسامحة ، كما أن العالم يمجد القائدة الفذة ميركل في قيادة ألمانيا بحيث باتت عنواناً للعدالة والتواضع وحسن السياسة يتفهم وعيها وهي تقود حزباً مسيحياً يحترم مشاعر الألمان ويحرص على عدم خدش مشاعرهم التي تربوا عليها من الأشهر التي كانوا فيها أجنة،يدرك مواصفات الحكم والحاكم المطلوب وجوده.
إن احترام ثقافة الرعية ومخزونهم النفسي لايتعارض من قريب أو بعيد مع السياسة الناجحة والاقتصاد والصناعة والبحث العلمي والانتاج .
إن من يصطدم بالمشاعر المكنونة في أعماق النفس لايريد ممارسة حكم ولا قيادة دولة ولا تنمية وإراحة الناس بل هو فاقد الوعي أو مدفوعاً كأنه مقذوف أطلق من فوهة مدفع لتدمير مجتمع وإرباكه وتحويل الناس من الثقة إلى الشك ومن الاتزان إلى الحيرى وإضاعة الرشد واستفزاز الغرائز.