مركز الشرق للأبحاث و الثقافة

عسكر السودان سلاحهم التطبيع مع المستعمرة

عسكر السودان سلاحهم التطبيع مع المستعمرة

عسكر السودان سلاحهم التطبيع مع المستعمرة

 

حمادة فراعنة

 

لم تُفلح الضغوط والوساطات واحتجاجات الشارع السوداني وقواه الحزبية والنقابية ومؤسسات المجتمع وشخصياته المستقلة، في دفع العسكر للتراجع عن انقلابهم يوم 25/10/2021، و كبح سيطرتهم المنفردة على السلطة خلافاً لاتفاقيتين: الأولى وقعوها مع قوى الحرية والتغيير يوم 21/8/2019 وسمّيت بالوثيقة الدستورية، والثانية مع فصائل سياسية مسلحة سميت باتفاق جوبا بالنظر لموقع التوقيع عليها يوم 3 أكتوبر 2020.

 

يوم 25/10/2021، قام العسكر يقودهم عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو، بحل مجلس السيادة المشترك مع المدنيين، واعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وحل مجلسه، وإعفاء ولاة المحافظات، واعتقال قيادات حزبية ووزراء مسؤولين، وتعليق العمل بالوثيقة الدستورية.

 

مظاهر الاحتجاج الحاشدة تواصلت يوم 30/10/2021، وما زالت مستمرة، وسقط ضحايا كثر برصاص العسكر، وتطورت بتشكيل جبهة معارضة وتحالف سياسي عريض من ست وعشرين حزباً ومنظمة مدنية ونقابية، وقد أعلن المتحدث باسم الجبهة آدم جريجيد عن “تصعيد النضال ضد القوى الانقلابية عبر كل الجبهات والوسائل السلمية حتى تحقيق النصر واستعادة السلطة وعودة الحكم المدني”.

 

 

تابع في عسكر السودان سلاحهم التطبيع مع المستعمرة

جاء تشكيل الجبهة رداً على قرار رئيس العسكر ونائبه، بإعادة تشكيل المجلس السيادي من العسكر مع استبدال أعضاء قوى الحرية والتغيير بأعضاء مدنيين جدد قبلوا بسيطرة العسكر وأن يكونوا أداة بيدهم، وهذا ما سينطبق على الحكومة التي سيشكلها العسكر من مدنيين، لا صلة لهم بالأحزاب والنقابات، ليكونوا غطاء لاستمرار حكم العسكر وأداة لتمرير سياساتهم وخاصة التطبيعية مع المستعمرة الإسرائيلية.

 

بات العسكر مصدر قوة لثلاثة أسباب:

 

 

أولاً: كونهم يتحكمون ويقودون المؤسسة العسكرية والأمنية.

 

 

ثانياً: تقف إلى جانبهم قوى إقليمية معادية للديمقراطية، وترفض تداول السلطة، و لا تؤمن بالاحتكام إلى الانتخابات، وتجد في المدنيين من الأحزاب والنقابات سواء في بلادها أو في السودان ، أنها مصدر قلق لنُظُمها، ومحفِّز لشعوبها حتى تتحرك ضد التفرد والاستئثار بالسلطة، ولذلك يدعمون العسكر في السودان وغيره، ويشكلون رافعة لهم ضد المدنيين.

 

ثالثاً: نفوذ المستعمرة الإسرائيلية التي كشفت الوقائع والأوراق والزيارات المتبادلة، أن الموساد الإسرائيلي هو أداة التحريض الأولى ضد حكم المدنيين الرافضين للتطبيع، وأن المستعمرة وأجهزتها هم الداعمون للعسكر في السودان ، لتستمر ادارتهم للدولة.

 

 

مطالبة الولايات المتحدة العلنية من قبل سفيرتها لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، كشفت الطابق، لوزير جيش المستعمرة بيني غانتس، بضرورة الإسراع لتشكيل حكومة بالشراكة مع المدنيين، مثلما سبق وطالب بذلك وزير الخارجية الأميركي بلينكن وزير خارجية المستعمرة يائير لبيد.

 

 

اتضح، ويتضح أكثر، أنه ما من سوء وانحدار في العالم العربي، إلا وتقف المستعمرة خلفه، أو تعمل على تقديم الدعم له، أو تحول دون التغيير الديمقراطي في وطننا العربي، حتى تمنع عن العرب: التعددية، والديمقراطية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وتداول السلطة.