لماذا التربية القيادية؟
بقلم د. حسام الدين رفعت حرز الله
تتوجه المؤسسات التربوية والأكاديميات نحو تطبيق مفهوم التربية القيادية لا سيما وقد خاضت الكثير منها نحو تنمية السمات والمهارات القيادية لكنها باتت مقتنعة بشمولية التربية في كل جوانب الشخصية وهذا ما دفع الكثير من الباحثين التربويين للبحث نحو التربية القيادية ومطالبة كافة المؤسسات لتبنى التربية القيادية التي تنبثق من منظور إسلامي وذلك لعدة أسباب منها:
-
الإسلام عقيدة وشريعة، عبادة وقيادة، إدارة ونظام، تخطيط محكم وتنفيذ دقيق، كل هذه الصفات تجلت في تربية القائد الأعظم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والتربية القيادية ضرورية للنشء، فكل شخص يولد ولديه صفات القيادة إما أن تظهر أو تختفي وهذا يعود للأسرة والمجتمع، فالقيادة فن وعلم وأثبتت البحوث أن نسبة القيادة بالتعلم تصل إلى 98% فهذا يعني أننا بحاجة لتربية قيادية منبثقة من تعاليم الإسلام العظيم من قبل الأسرة ومؤسسات المجتمع فوجود ملكات موروثة دون تدريب وتنمية تذهب هباءً، وهذا واضح في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلةٌ( رواه البخاري ومسلم).
-
الأمة الإسلامية اليوم تعاني من أزمة تخلف في كل شيء في القيم والأخلاق والفكر الثقافة والسياسة والاقتصاد وكذلك في أساليب المعيشة وبقية جوانب الحياة وكذلك وجود أزمة استشعار قلة هم الذين يستشعرون ثقل القيادة وأمانة المسئولية وأن التفريط فيها أو التقصير أو الإهمال يعد خيانة لله تعالى ولرسوله حتى للأمة لمجموع أفرادها ولقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يدركون عظم الأمانة وخطر المسئولية فيتفانون في خدمة الأمة واسعاد أفرادها ومع ذلك يتهمون أنفسهم بالتقصير وكذلك أزمة ضعف الأداء نتيجة عدد من المتغيرات المزاجية، والمعرفية، والدافعية الأخلاقية، والثقافية لدى القائد.
-
وجود أزمة في تربية القيادة ؟ نعم لأننا نفقد المدير والمعلم والعامل والطبيب والداعية المميز وكذلك غياب اسشتعار الأمانة بمعناها الكامل مما أدى في ضعف أداء القائد لذا نحن بحاجة للتربية القيادية.
تابع أيضا في مقال لماذا التربية القيادية؟
-
التربية القيادية تعمل على بناء الإنسان بكل جوانب شخصيته بشكل متوازن، يسهم في قيادة أمته وليس مجتمعه فقط لما فيه خير لدنياه وآخرته حتى نكون خير الأمم كافة ويتحقق فينا قول الله تعالى” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ” ( آل عمران:110).
-
لأن دور المؤسسات التعليمية متمثلة في المدرسة لا زال ضعيف في تنمية القيم والمهارات القيادية نتيجة ضعف المقررات والأنشطة التعليمية في إكساب الطلبة القيم والمعارف والاتجاهات والمهارات القيادية.
-
ليس كافٍ في عصر العلم والتكنولوجيا المتطورة أن يمتلك القائد خصائص القيادة أو كاريزما القيادة ولا يعقل أن يتولى مستويات القيادة شخص غير متعلم بما فيه الكفاية لا يعرف الحد اللازم عن طبيعة العصر واقتصاد العصر والامكانيات الواعدة للمستقبل.
-
المسلمون اليوم في حالة أزمة قيادية يفقدون قائداً اسلامياً يتمسك بالقيم والشريعة الإسلامية على نطاق واسع الانتشار ابتداءً من الحياة المنزلية إلى نطاق أوسع وتكون الأمة في قبضة القيادات الفردية بعيدة عن القيادات الجماعية التي تتميز بالشورى في ممارسة قيادتها.
-
لأن كل شخص تجاوز مرحلة الطفولة يقضي ثلاث ساعات يقظته في عمل جماعي ويتحرك في سلسلة متتابعة من الجهود الجماعية في الملاعب والمؤسسات وأماكن العبادة، كما يوجد نوع من الإنعزالية بين الأفراد وسط الجماعة، ومع تعدد ألوان واتجاهات الجماعة يبرز هنا أهمية التربية القيادية في معالجة الإنعزالية والأنانية وحب الظهور وكل المظاهر السلوكية غير المرغوب بها، وكذلك يتم توجيه الجهود لتحقيق الأهداف.
-
لأن المدارس الحديثة لنظرية السمات اعتبرت الأفراد يمكنهم تطوير الصفات القيادية بعدما كانت قديماً تعتقد أن القادة يولدون ولا يصنعون.
-
لأن الجهود تتجه حديثا نحو التربية القيادية لبناء سلوك قويم فهي تتضمن أبعاداً تتداخل فيما بينها والتعليم النوعي الذي يتسم بالجودة هو القادر على التواصل مع التطورات والمستجدات المرتبطة بمختلف المجالات.
-
لأن التربية القيادية من أبرز التوجهات التي يجب تتبعها المؤسسات التربوية من خلال تنمية جوانب شخصية الفرد ولأنها التربية القيادية لصيقة بالقدوة حيث نجد أن أغلب القادة تأثروا بنماذج حاضرة في مجتمعهم تأثروا بها تأثراً إيجابياً، ولأنها وظيفة لمحضن تربوي يحتاج عملية طويلة وممنهجة لهدف وهو أن يكون لدينا مشروع قائد ليس فقط لمجتمعه بل لأمة تنتظر مجدها.
-
لأنه في السنوات الأخيرة برزت جهود مخلصة في مجال تأصيل العلوم الاجتماعية بهدف إعادتها وبلورتها إلى أصولها الإسلامية للمحافظة على هويتها الإسلامية وإلغاء التبعية الغربية لأن قضية التأصيل تستهدف إعادة تشكيل العقل المسلم من خلال مجموعة المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها النسق المعرفي الإسلامي فالمفاهيم تشكل في حد ذاتها جانباً منهجياً يجب التأكيد عليه من خلال إبراز المفهوم وفق مقتضياته وشرائطه المبنية على ما جاء في الكتاب والسنة ولا يمكن أن نتحدث عن علم تربوي إسلامي أو التأصيل الإسلامي للعلوم ما لم نقم ببناء المفاهيم التربوية وفقاً لمنهج الإسلام حتى تعطي أكلها ونحصل على الانسان والمجتمع الإسلامي الفريد.
-
الأزمات والكوارث المستمرة في الحياة تتطلب قيادة مؤهلة للخروج من هذه الأزمات فاليوم جائحة كورونا غيرت واقع العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأثرت بشكل كبير على كل أنظمة المؤسسات العامة وعلى رأسها المؤسسات التعليمية لذا يتطلب قياديين قادرين على النهوض ومواكبة هذا التغير بما يتلاءم مع ملامح المستقبل الجديد فالتربية القيادية لها دور في صناعة ما نسعى اليه من قادة تغيير.
-
لأن خصائص المنهج التعليمي في ظل الفكر الإسلامي يكون المنهاج متوازناً مرناً قابلاً للتعديل ، شاملاً متكاملاً لتربية الإنسان ، ويتسم المنهج بالثبات بحيث يشتق من ثوابت القرآن والسنة النبوية، و تبنى المناهج وفق خصائص علمية يقينية، و ترابط ووحدة المعرفة حسياً وعقلياً وروحياً، والاعتماد على الخبرة التي هي أساس بناء الانسان والمجتمع ، ويراعي استعداد المتعلمين والفروق الفردية.