أوراق حركية فلسطينية من منظور استراتيجي
بقلم / د. اسعد جودة
الشراكة والتحالف الاستراتيجي بين حركتي حماس والجهاد مسؤولية وطنية وأخلاقية عدا عن كونها فريضة شرعية.
” إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيل الله صفا كأنهم بنيان مرصوص”
قدر هاتين الحركتين أن تتشكلا على خلفية فهم عميق لموقع ودور ومكانة فلسطين والقدس كارض مباركة و كقضية مركزية للأمة الإسلامية وآيه في كتاب الله،
ووردت في عدة،
سور من القرآن الكريم .
“سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِی بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ ”
هذه الأرض وعلى رحاها ستحصل المنازلة الكبرى باذن الله وتنتهى بالظفر لأمة التوحيد بدخول المسجد الأقصى وإساءة وجوه بني اسرائيل وتتبير علوهم.
“وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا”.
ترجمه هذا على الارض هزيمة المشروع الغربى وقطع راسه المتقدم في الحوض العربي الاسلامي إسرائيل المستنبتة والتي تمثل درة الفساد والغدة السرطانية.
تابع في أوراق حركية فلسطينية من منظور استراتيجي
عبر هذا الفهم المعمق ولدت تلك الحركتين وفي توقيت بدأ وكان المشهد أسدل الستار على القضية الفلسطينية ومستقبلها ، وكأن خروج المنظمة من لبنان بعد حرب عام ١٩٨٢م والتشتت في العواصم تم تصويره كمؤشر على الإجهاز على الثورة والثوار والقضية والمستقبل ، في ذاك التوقيت وقبله كانت تلك الحركتين تعمل بأسماء مختلفة واحيانا تتصارع وتختلف وسرعان ما تتفق ، وسجلتا حضور قوي ومؤثر على مسرح الأحداث بالتحشيد وبناء المساجد وإعداد جيل قرآني وصولا إلى الانتفاضة الثورة التي اندلعت شرارتها في نهاية عام ١٩٨٧م وسرعان ما انتشرت كالهشيم وعمت الأرض المحتلة ، وما سبقها من عمليات نوعية واستخدام سلاح السكاكين وإحياء صلاة العراء والخطاب الجهادى وإحياء قيم ومكانة الشهادة في الإسلام.
في إطار فكر ورؤية استراتيجية رأت كلتا الحركتين أن مركز الصراع يجب أن يتركز هنا داخل الأرض المحتلة وفي احتكاك مباشر مع العدو، وساهمت تلك الحركتين فى التحولات الكبرى التى كادت أن تعصف بالقضية وتصفيتها وحفظتها ولازالت جذوة المقاومة مشتعلة ومستمرة وباذن الله لن تنطفأ.
المحزن والصادم ان منظمة التحرير الفلسطينية أسرعت في الدخول بمشروع استثمار عاجل وقطف ثمار الانتفاضة الثورة التى انطلقت مع نهاية عام ١٩٨٧م، مبكرا باعلان الإستقلال عام ١٩٨٨، واتبعته بإدانة للارهاب في خطاب الرئيس ابو عمار امام الجمعية العامة للأمم المتحدة نفس العام في جنيف ، كعربون لدى المنظومة الدولية للاعتراف بها، وفتحت قنوات سرية مع العدو أوصلت في النهاية إلى اتفاق اوسلو الكارثي عام ١٩٩٣م ، والذي منح الكيان اعتراف مجاني على ٧٨% من أرض فلسطين التاريخية وال٢٢% التي تمثل الضفة الغربية وقطاع غزة قابلة للتفاوض ومتنازع ، والطامة الكبرى مقابل هذا الاعتراف المجاني ، العدو الصهيوني فقط اعترف بالمنظمة كممثل عن الشعب الفلسطيني في ضوء التزامه باتفاق اوسلو ومقاومة من يعارضة،ولم يتطرق لأرض أو دولة أو حتى حكم ذاتي ولا شئ من هذا ؟!
بعد عودة السلطة تعرضت كلتا الحركتين لشتى صنوف الضغوط والملاحقات والسجون من العدو والسلطة حتى جاء عام ٢٠٠٠م واندلاع انتفاضة الأقصى وما تبعها من عملية السور الواقي وحصار الراحل ابو عمار وانتهى الأمر بتسميمه ، منذ تلك اللحظات والحركتين تقاتل العدو وتطور من قدراتها وإمكاناتها وتشاغل وتراكم وتنازل العدو واستطاعت بفضل الله أن تصنع فعل وان تنشأ معادلات وتوازن ردع استراتيجي ، الدم بالدم والهدوء مقابل الهدوء.
ومن الآثار والنتائج المباشرة جلاء العدو الإسرائيلي عن قطاع غزة وسحب قطعان مستوطنيه، وعادت غزة ملاذ آمن وقاعدة للمقاومة تصدت لأكثر من عدوان ببسالة، وواجهت العدو وقدمت مشهدية مغايرة للصورة التي رسمت في أذهان الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم أن الفلسطينيين تنازلوا عن ارضهم وعقدوا سلاما مدنسا مع الكيان الصهيوني ، بل ثبتت قاعدة غزة المقاومة انها ذروة سنام العواصم، وعلى اثر انتحابات حرة ونزيه فازت حركة المقاومة حماس بالانتخابات التشريعية وللأسف تنكر العالم للنتائج ، وشكلت حركة حماس حكومة بمفردها بعد أن رفضت كل القوى المشاركة بالانتخابات دعمها والانخراط بها ، وعلى خلفية صلح مكة تشكلت الحكومة العاشرة وسرعان ما انهارات تلك الشراكة ٢٠٠٧م، وبقيت الحكومة في غزة تحت مسؤلية حركة حماس وفي الضفة تحت إدارة السلطة.
حكومة المقاومة في غزة جسدت ثابت من الثوابت الوطنية أن أي أرض تحرر يقام عليها سلطة وطنية ، ها هي غزة تدافع عن كل فلسطين ومعركة سيف القدس خير شاهد.
حكومة المقاومة نادت وتنادى منذ اليوم الأول كل القوى والفصائل للمشاركة في إدارة الحكم ، ولإعتبارات سياسية ومصلحية تتمنع فصائل منظمة التحرير من المشاركة والجهاد له موقف ثابت ومقدر من حماس فى قصة المشاركة ، وتتمتع بكل الصلاحيات والتسهيلات والحضور وتعمل من خلال لجنة متابعة القوى الوطنية والاسلامية وتؤدى دورها الوطني بكل يسر ودعم .
تابع أيضاً في مقال “أوراق حركية فلسطينية من منظور استراتيجي”
هذا الجسم المتشرب الإسلام عقيدة وشريعة يجتهد ويصيب ويخطأ ، ويترجمه على الارض، ويوفر كل مقومات العمل والبيئة الملائمة لكل أذرع فصائل العمل الوطني وتعزز من دورها وتتحمل كامل المسؤلية ، وتتعرض لكل انواع الفتن وشتى صنوف الترغيب والترهيب لثنيها وتطويعها للدخول في المهازل المطروحة ولعبة ما يسمي بعملية السلام العبثية ، وعلى الجانب الآخر تتعرض كلتا الحركتين الى الى إستهداف امني وتصيد في المياه العكرة ودق أسافين بين أفراد تلك الحركتين بين الفينة والأخرى لايقاع النزاع والخلاف لتشتيت الجهود وكسر التحالف.
المطابخ الإستخباراتية والأمنية الصهوينية ووكلائها تعمل ليل نهار ولا تكل او تمل لإثارة مثل هذه الترهات ،وللاسف تجد بعض من المتسرعين من كلتا الحركتين يكيل على الآخر بدون توخي الدقة والأمانة لزعزعة الثقة وزرع بذور الشك بينهما.
التحالف والشراكة الاستراتيجية الأمينة بين تلك الحركتين التي عادت بفضل الله رقما صعبا وإضافة نوعية لمسيرة النضال الفلسطيني، لا يمكن تجاوزهم أو القفز عنهم بل أصبحوا من أهم المقررين في الحالة الفلسطينية ويحسب لهم على مستوى الإقليم والعالم فيما يخص القضية لهذا جهود دوليه تضعهم على قوائم الإرهاب للتتضيق والحد من ازدياد النفوذ ، إن ما سطرته من مقاومة وفعل نضالي أعطى امل كبير لشعبنا وأبناء أمتنا أن المقاومة في فلسطين برغم قلة الإمكان وقلة الناصر الا ان أدائها الراقى والعنيد وصمودها الأسطوري وتطوير سلاح محلي قادر على الوصول لكل بقعة في فلسطين المحتلة وشل مؤسسات العدو فعل عجزت عنه دول مجتمعة، هكذا واقع يستدعي الالتزام التام والتعاون والإنصهار في كل الجوانب وإجادة لعبة تبادل الأدوار وتقوية كل ما يعزز ونبذ الخلافات والتوقف الفوري عن التعليقات الجارحة وتبادل الاتهامات .
إن دور اللجان المختصة المكلفة من الطرفين هى الجهه المخولة وصاحبة الصلاحيات فى التواصل وتبادل المعلومات وإيجاد معالجات متى ما استدعى الأمر لأن رأس الحركتين مطلوب ، وسرعة إيجاد حلول خلاقة وابداعية لأي خلاف ميداني يصبح ضرورة ، وفي تقديري من يروج لخلافات أو نشر إشاعات وتصدير أزمات يجب أن يتحمل المسؤلية وينال الجزاء المستحق ، الأصل هو تعزيز ثقافة الاخوة والحوار البناء وبناء الثقة والتركيز على ثوابت القضية، وتفويت الفرص على العدو وذيوله والمتربصين للنيل من الوحدة على كل الصعد .
هناك لمز من جهات تتصيد وتحاول حرف المسار عن جدوى المقاومة وان القطاع والعمل المقاوم لعمل انساني،كلمة حق يراد بها باطل الاصل ان يرحب بأي اجراء يساهم فى التخفيف عن معاناة ابناء شعبنا بكسر الحصار ويخفف المعاناة عن اهلنا في القطاع سواء منح قطرية او مصرية وغيرها، هذا ليس منة هذا من جراء الصمود الأسطوري ومسيرات العودة والارباك الليلي وقبل كل ذلك المقاومة العسكرية والأمنية بأدائها المتميز ، إن أبناء تلك الحركتين مطالبين بتجسيد قول المولى تبارك وتعالى في سورة طه..
“….هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً”