كيف تسرق إسرائيل الأرض

Palestine

تاريخ فلسطين وكيف تسرق إسرائيل الأرض : من النكبة حتى اليوم

مقدمة:

تعتبر فلسطين واحدة من أقدم المناطق الحضارية في العالم، وتتمتع بتاريخ طويل ومعقد. كانت أرض فلسطين مسرحًا للصراعات بين الإمبراطوريات المختلفة عبر العصور، ولكن ما يميز تاريخها الحديث هو الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. منذ تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، تعرض الشعب الفلسطيني لسلسلة من الممارسات الاستيطانية التي أدت إلى سلب أراضيه تدريجياً. في هذا المقال، سنتناول تاريخ فلسطين وكيفية توسع إسرائيل على حساب الأراضي الفلسطينية.

فلسطين قبل الاستعمار:

فلسطين، عبر تاريخها الطويل، كانت موطنًا للعديد من الحضارات والشعوب. كانت جزءًا من الإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية، وبعد ذلك أصبحت تحت الحكم الإسلامي منذ الفتح الإسلامي في القرن السابع. خلال هذه الفترات، كانت فلسطين تتميز بتنوع ثقافي وديني، حيث عاش المسلمون والمسيحيون واليهود جنبًا إلى جنب.

بداية المشكلة: الانتداب البريطاني ووعد بلفور

في نهاية الحرب العالمية الأولى، أصبحت فلسطين تحت السيطرة البريطانية بموجب الانتداب البريطاني. وفي عام 1917، أصدرت الحكومة البريطانية ما يُعرف بـ وعد بلفور، الذي تعهد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. تسبب هذا الوعد في زيادة التوترات بين العرب الفلسطينيين واليهود المهاجرين، حيث بدأت الحركة الصهيونية، المدعومة من القوى العالمية، بالعمل على تحويل هذه الأرض إلى دولة يهودية.

النكبة: تأسيس دولة إسرائيل في 1948

في 14 مايو 1948، أعلنت الحركة الصهيونية عن تأسيس دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية. تبع هذا الإعلان النكبة، وهي الكارثة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، حيث تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وقراهم تحت وطأة الهجمات العسكرية. تمت مصادرة الأراضي الفلسطينية وتدمير القرى، وتحولت فلسطين إلى ساحة للاجئين. تشير تقديرات إلى أن حوالي 750,000 فلسطيني نزحوا قسراً من ديارهم، وباتوا لاجئين في الدول المجاورة.

التوسع الإسرائيلي بعد 1948:

بعد إعلان الدولة، لم تكتفِ إسرائيل بالحدود التي أُقرت لها، بل بدأت سياسة التوسع عبر الحروب المتتالية. في حرب 1967، المعروفة أيضًا بـ النكسة، احتلت إسرائيل الضفة الغربية، قطاع غزة، ومرتفعات الجولان وسيناء. أدت هذه الحرب إلى فرض سيطرة إسرائيلية على القدس الشرقية، التي تعتبر قلب الهوية الوطنية والدينية الفلسطينية.

الاستيطان الإسرائيلي:

الاستيطان الإسرائيلي هو من أبرز الأدوات التي استخدمتها إسرائيل لسرقة الأراضي الفلسطينية. بعد عام 1967، بدأت إسرائيل ببناء مستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. هذه المستوطنات تُبنى على أراضٍ فلسطينية مصادرة، وغالبًا ما تكون محمية من قبل الجيش الإسرائيلي. رغم أن بناء المستوطنات يُعتبر غير قانوني بموجب القانون الدولي، تستمر إسرائيل في توسيعها. المستوطنات تقسم الضفة الغربية إلى جيوب معزولة، مما يجعل من الصعب تحقيق التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المستقبلية.

الجدار العازل:

في بداية الألفية الثالثة، قامت إسرائيل ببناء الجدار العازل الذي يمتد عبر الضفة الغربية. ورغم أن الجدار يُروج له على أنه “جدار أمني”، إلا أنه في الواقع يُعتبر وسيلة لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل. في العديد من الحالات، يتجاوز الجدار حدود الخط الأخضر (حدود 1967)، مما يؤدي إلى فصل الفلسطينيين عن أراضيهم الزراعية ومواردهم المائية.

نظام الأبرتهايد (الفصل العنصري):

يصف العديد من الخبراء والمراقبين الدوليين السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بأنها شكل من أشكال الأبرتهايد (الفصل العنصري). تقوم هذه السياسات على التمييز العنصري، حيث تُعطى المستوطنات الإسرائيلية حقوقًا وامتيازات بينما يعيش الفلسطينيون تحت حكم عسكري صارم. يُفرض على الفلسطينيين قيود على التنقل، ويُمنعون من بناء أو توسيع منازلهم في أراضيهم.

انتهاك القانون الدولي:

منذ بداية الصراع، ارتكبت إسرائيل العديد من الانتهاكات ضد القانون الدولي. من أبرز هذه الانتهاكات:

  1. بناء المستوطنات: المستوطنات تُعتبر غير قانونية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع قوة الاحتلال من نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة.
  2. مصادرة الأراضي: تُصادر إسرائيل الأراضي الفلسطينية بشكل منتظم لتوسيع المستوطنات أو لأغراض عسكرية.
  3. التهجير القسري: يتم تهجير الفلسطينيين من منازلهم دون أي تعويضات عادلة أو إعادة توطين.

المقاومة الفلسطينية:

على مر العقود، قاوم الفلسطينيون هذا التوسع من خلال حركات المقاومة المختلفة، سواء عبر المقاومة الشعبية السلمية أو من خلال الكفاح المسلح. شهدت فلسطين انتفاضتين كبيرتين: الأولى في 1987، والثانية في 2000. هذه الانتفاضات جاءت كرد فعل على الظلم والاحتلال المستمر.

دور المجتمع الدولي:

رغم القرارات المتعددة التي صدرت عن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإدانة التوسع الإسرائيلي ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن إسرائيل تستمر في تنفيذ سياساتها دون رادع. السبب الرئيسي لذلك يعود إلى الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل، حيث تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع تمرير أي قرار يدين إسرائيل.

الحلول المقترحة:

يبدو أن الحل الأكثر قبولًا دوليًا هو حل الدولتين، الذي يدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل. لكن في الواقع، تعرقل السياسات الإسرائيلية المستمرة على الأرض إمكانية تحقيق هذا الحل. يُعتبر بناء المستوطنات والجدار العازل أكبر العقبات أمام تحقيق السلام.

خاتمة:

منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، والشعب الفلسطيني يعاني من سياسة ممنهجة لسرقة أراضيه وتقسيمها. على الرغم من المقاومة المستمرة، لا يزال الفلسطينيون يواجهون تحديات هائلة، حيث يستمر الاحتلال والاستيطان في تعميق معاناتهم. يجب على المجتمع الدولي التدخل بجدية لإنهاء هذا الظلم وإعادة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين.